وزارة الداخلية هي إحدى الوزارات السيادية التي كانت من نصيب المعارضة اليمنية في حكومة الوفاق الوطني، حيث تم إعطاء وزارة الدفاع للشريك الآخر في الحكومة المؤتمر الشعبي العام وتثور أسئلة عديدة حول الاعتداء الآثم على وزارة الداخلية! ومن قام به ؟ ولماذا على الداخلية بالذات ؟ ومن وراء الجريمة والمخطط لها؟ فبالنسبة لزمن تنفيذ الجريمة فهو الساعة السابعة صباح يوم الثلاثاء 12/رمضان في غير وقت الدوام الرسمي أي في وقت هدوء وراحة المجتمع اليمني الذي يخلد فيه إلى النوم حيث يظل الناس سامرين في ليالي رمضان حتى يؤدوا صلاة الفجر ثم ينامون بعد ذلك إلى وقت الظهر. والوقت الذي وقعت فيه الجريمة يعادل بعد منتصف الليل في غير رمضان بمعنى أن الذي يرتكب الجرائم في ذلك الوقت هم السرق وقطاع الطرق والقتلة الذين يخططون لارتكابها في وقت الغفلة والهدوء والنوم وبعيدا عن تحرك الناس وانتباههم حتى لا يُكشف أمرهم وتُفضح جرائمهم ويُبَان خبرهم عند الله والناس ويحالون إلى القضاء للمحاكمة بَيْدَ أن قيام أفراد من النجدة الموالين للرئيس السابق (علي صالح) وأيضاً مجموعة من البلاطجة المسلحين التابعين له بالاعتداء على وزارة الداخلية وذلك بقتل بعض حراستها وجرح الآخرين ثم السطو على مكاتب الوزارة ونهب وسرقة محتوياتها بما في ذلك الأثاث والأجهزة والملفات والسجلات والسلاح وغير ذلك.فهي جريمة من نوع خاص ذات عيار ثقيل كما أنها لا تشكل اعتداء على مبنى الوزارة فحسب بقدر ما تُعَد جريمة ضد الشعب اليمني وثورته الشبابية السلمية المباركة وضد الدولة والحكومة والمبادرة الخليجية والدول الراعية لها وقرارات مجلس الأمن الدولي رقم (2014و2051) لاسيما أن الداخلية وغيرها من مؤسسات الدولة المختلفة هي ملك للشعب والوطن وليست ملكا لهذا الحزب أو ذاك فإذا كانوا يظنون ذلك فينبغي عليهم أن يراجعوا حساباتهم في ذلك، كما أنهم إذا كانوا يظنون أن الاعتداء على الداخلية هو اضرار بوزيرها أو المعارضة فذلك ظن سيء ينبغي اجتنابه والابتعاد عنه، لأن الإضرار بهذه الوزارة المهمة (الداخلية) يُعد اعتداءً على الأمن والاستقرار والسكينة التي هي من أولويات عمل هذه الوزارة.
إنها جريمة تُنبئُ عن مدى الحقد الدفين والأنانية الحمقاء واللؤم والحقارة لدى المخططين والممولين والمنفذين، كما أنها جريمة ضد الإنسانية والحرية والعدالة والحقوق والتنمية والأخطر والأدهى فيها أن جنود الأمن المركزي المَدْعُوّن لإنقاذ الوزارة جاءوا وانضموا إلى صفوف المعتدين. ناهيك انه في الوقت الذي تتعالى فيه أصوات الشعب إلى المطالبة بسرعة هيكلة الجيش والأمن وإبعاد أيادي عائلة (صالح) وأقاربه عن قيادة الحرس الجمهوري والأمن المركزي وبقية الوحدات الأمنية والعسكرية التي لهم تواجد فيها حتى يأمن الشعب على نفسه ومقدراته.وفي الوقت الذي يتهيأ الشعب لعقد مؤتمر الحوار الوطني وإصدار قانون العدالة الانتقالية يُفاجأُ الشعب اليمني والمجتمع العربي والدولي بارتكاب الجريمة المفضوحة المخطط لها، فبمجرد ذيوع الخبر عبر الفضائيات المحلية والعربية والدولية تبادر إلى ذهن كل عاقل بالبديهية داخل الوطن وخارجه سواء كان ممن شارك في إسقاط الرئيس السابق ونظامه أو الموالين له أن تنفيذ الجريمة عبر مخطط مدروس منه ومن حاشيته. ولم يعد ينطلي الكذب على الشعب ! أما ما زعمته القنوات التابعة للعائلة أن اشتباكات وقعت بين جنود من النجدة المطالبين بوظائف وبين حراسة وزارة الداخلية كذب مفضوح وممقوت لم يعد يصدقه عاقل لان المطالبة بالحقوق والوظائف لا تكون إلا في وقت الدوام الرسمي وبطرق سلمية واثناء ما يكون الوزير وقيادة الوزارة متواجدين فيها لا أثناء ما يكونون نياما في بيوتهم هذا من جهة ومن جهة اخرى فان المطالبة بالحقوق تكون بتقديم عرائض قانونية مشروعة للوزير لا بالاعتداء على الوزارة وقتل وجرح حراسها ونهب محتوياتها. ولما كان الأمر كذلك فان ثوار اليمن وأحرارها كانوا وما يزالون محقين بمطالبتهم بخروج الرئيس السابق من اليمن للإقامة خارجها مع أولاده وعائلته كي تهدأ الزوابع وتخمد المشاكل ويستقر الوضع ويهجع الشعب وتُتَاح الفرصة أمام الحكومة الجديدة لبناء الدولة المدنية الحديثة أما استمرار بقائه داخل اليمن فهو ما يشكل خطورة على الوضع اليمني والسلم الاجتماعي وعلى الأمن والاستقرار والشعب اليمني برمته وإلا ما ذنب وزارة الداخلية حتى يُعتَدى عليها؟ وهل لأنها صارت مميزة وناجحة في إحلال الأمن والسلام والاستقرار بدلاً عن الفوضة والاستهتار؟ ولأنها كشفت عن خلايا تجسس إيرانية تعمل ضد الوطن، كما كشفت عن خلايا إرهابية وعصابات تَقْطَعُ الطرق وتنهب المال العام والخاص وتقتل النفس التي حرمها الله فتجازى الوزارة بذلك.
لقد أبدع اللواء الدكتور/ عبدالقادر قحطان في وزارته، فأعطى الضباط والصف والأفراد حقهم من العلاوات والبدلات والترقيات وما زال مهتماً بهم وهو ما لم يكونوا يحصلون عليها منذ عشرات السنين في عهد الرئيس السابق، حيث كانت الحقوق انتقائية فلا تعطى إلا إلى الحاشية والأقارب ولا يجرؤ احد على المطالبة والانتقاد، كما أن الوزير المذكور تعامل بحيادية تامة في وزارته ورسخ في ذهن الجميع مبدأ قانوني هو أن الشرطة في خدمة الشعب لا في خدمة الفرد والحزب والأسرة، فيظهر أن جميع هذه المحاسن والابدعات والايجابيات التي تميزت بها الداخلية تحولت إلى ذنب لها ولوزيرها، أضف إلى ذلك أن الرئيس السابق والمقربين منه شعروا بقرب فضائح لهم في ملفات ظلت في الوزارة بعد رحيل النظام السابق وهو ما دفعهم إلى التخطيط والإعداد لارتكاب الجريمة البشعة ضد الوزارة في شهر رمضان الكريم الذي تفتح به أبواب الجنة وتغلق فيه أبواب النار وتصفد فيه الشياطين أي شياطين الجن لكن شياطين الأنس ما زالت طَلِيقة تؤذي الصائمين العابدين الراكعين الساجدين المستغفرين بالأسحار.
نسأل الله السلامة لهذا الشعب من شرهم ومن شر جميع الأشرار، فباب التوبة ما يزال مفتوحاً إذا تاب العبد وصدق وأقلع وندم وعزم على عدم العودة والله حسبنا ونعم الوكيل.
أحمد محمد نعمان
لِمَاذَا الدَّاخِلِيّة بِالذَّات ؟؟ 1855