لقد عاد إلينا العيد من جديد ليرسم الابتسامة على وجوه الأطفال ويسعد كل الأفراد.. والجميع متلهف إليه ليرتشف من سعادته التي تمطر علينا حباً وألفة ومودة..
لقد عاد ليجلب الهدايا إلى صغار السن، وليكرم الكبار بالسرور ويدخل البهجة للفقراء ويمسح دموع اليتامى، أتى والكل يتسارع ويتسابق لجلب التهاني لمن يحب ونشر الكلمة الحسنة لتزيل عن قلوبنا هذه الهموم الثقيلة التي تحل بالوطن.
إنه العيد ولكن بأي حال عاد؟ لقد عاد والوطن ما يزال مثخناً بالجراح ومكلوماً في مجالات شتى، فالعقول والأفكار تعيش بحالة مؤسفة ومحزنة ومزرية، وباتت علوم وثقافة الناس تشطح هنا وتنطح هناك وبات الكثيرون مشدوهين بالأخبار الكاذبة والزائفة وصاروا حانقين على المبادئ والقيم يحاولون الالتفاف عليها، وأما نفوسهم المريضة فلا يخفى على الجميع شيئاً، مما يقوم أصحابها بالالتفاف على الساحة الوطنية ونشر الفوضى والاستفزازات على هذه الأرض الطاهرة.
إن العيد هو ميقات لإزالة الشحناء والعداوة والبغضاء ووضع حد للخصومات أياً كان مصدرها وإنهاء النزاعات والاختلالات الموجودة في ساحات الوطن المختلفة وهو مناسبة لتواصل المنقطعين والتلاقي الأخوي وفرصة لدمل الجراح ويوم المحبة والصفاء.
ما نزال إلى اليوم ننتظر مستقبل وطننا كي نفرح كثيراً، ليبقى عيدنا الأول والأخير هو الوطن الذي أصبح الأعداء يكيدون له مؤامرات تحاك عليه ليلاً ونهاراً، حيث تخلى الكثيرون عن واجبهم الوطني تجاه أرضهم التي أنجبتهم ورعتهم على ترابها الطاهر، فكيف نفرح بك يا عيد والوطن يتألم من هؤلاء الذين يعيثون فيه فساداً؟ كيف نفرح وقد نجح الكثيرون ونحن ما نزال نسير في الاتجاه المعاكس؟.
لكن إذا لم نفرح بك يا عيد نتيجة لظروفنا الراهنة سيأتي الدهر الذي نجعل فيه أيامنا كلها أفراحاً وأعياداً.. وعساكم من عواده.