المتابع لأوضاع اليمن يجد الشكوى والتذمر من البطالة في الوقت الذي لا تعيره الجهات الرسمية اهتماماً بالتعليم المهني والتقني، ويبدو من الغريب أن يظل التعليم المهني خارج اهتمام دولة تعاني البطالة والفقر والتدهور الاقتصادي، كما يشكو مرتادو هذا النمط من التعليم من عدم التشجيع والاهتمام بالمعاهد التقنية والمهنية وعدم توفير فرص العمل والوظائف لهم إلا بشق الأنفس فيما يتم تشغيل أيادٍ خارجية في الشركات العاملة باليمن.
إن جعل التعليم المهني والتقني أحد المحاور المهمة في العملية التعليمية، يشكل تأثيراً إيجابياً فعالاً على التنمية المستدامة في المجتمعات ولاسيما النامية منها، خاصة في ظل استشراء ظاهرة البطالة في أوساط الخريجين الأكاديميين من ذوي التخصصات النظرية المتشابهة.
لقد استطاعت الصين والهند في السنوات الأخيرة - من خلال المعاهد والجامعات المهنية والفنية والتطبيقية- أن ترفد المجتمع الصيني بكفاءات مدربة في المجالات كافة، حيث تنطلق الصين من حاجة السوق المحلية والعملية التنموية بشكل عام، لاسيما وأن الخريج المهني يلتحق مباشرة بأحد مرافق العمل، دون أن ينتظر فرصة مواتية أو شغر وظيفة.
يجب أن تعطي الدول النامية ولاسيما بلادنا اليمن أولوية خاصة للتعليم المهني والتقني، وتدرك أن الاقتصاد الحقيقي القوي لا يقوم بمعزل عن الكفاءات المهنية التقنية، حيث توفر ألمانيا للطلبة الخريجين من المعاهد والكليات المتوسطة إمكانية الالتحاق السلس بعد تخرجهم من الجامعات دون وجود حالة من القطع بين المعهد المتوسط والجامعة.
في العالم العربي لقد تأخر نسبياً الاهتمام بهذا النمط من التعليم لأسباب ثقافية وتنموية، حيث كان التعليم الأكاديمي هو المفضل للطالب وولي الأمر، لكن بعد أن استشرت وتفاقمت ظاهرة المتعطلين عن العمل من الخريجين الأكاديميين وضعت بعض الدول خططاً قريبة وبعيدة المدى للنهوض بالتعليم المهني والتقني، كما هو حاصل الآن في الأردن والمغرب والجزائر.
هناك عقبات جدية ما زالت تعترض مسيرة التعليم المهني والتقني في اليمن، منها عدم اهتمام الدولة بهذا التعليم والنظرة الخاطئة السائدة بتفضيل الأكاديمي النظري عليه، سعياً وراء ألقاب واعتبارات اجتماعية.
ولعل النهوض بهذا النمط من التعليم من خلال دعمه وتطويره وتشجيع الطلبة على الالتحاق به، استناداً إلى حاجة السوق والمجتمع يتطلب مجموعة من الإجراءات والخطوات العملية.
إيمان سهيل
التعليم المهني خارج نطاق الاهتمام 2115