في مثل هذه الأيام من العام الماضي استضاف سيف القذافي بضعة صحافيين أمام باحة قصر العزيزية، في العاصمة الليبية، وظهر عليهم بسيارة رباعية الدفع بابتسامة عريضة زاعما أن الأخبار التي تقول إن الثوار الليبيين احتلوا العاصمة طرابلس مجرد أكاذيب وسيصحبهم في جولة في أحياء العاصمة. وعندما سأله أحدهم عن تصريح المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية بأنه سيقدم للمحاكمة التفت إليه ساخرا، وقال «طز في المحكمة الدولية»، ورحل من دون أن يأخذ الصحافيين معه في الجولة الموعودة.
ما حدث بعد ذلك معروف، بعد يوم سقطت طرابلس، وفر سيف ووالده العقيد وعثر عليه مختبئا في أحد أنابيب تصريف السيول، أما سيف فقد قبض عليه يحاول الفرار إلى النيجر. ومنذ اعتقاله في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي وهو يتوسل المحكمة الجنائية الدولية أن تتولى محاكمته بدلا من أن يحاكم في بلده ليبيا حيث يواجه عقوبة الإعدام.
بشار الأسد، الرئيس السوري المحاصر في عاصمته دمشق، يشبه كثيرا سيف القذافي، يسخر من مهمة المبعوث الدولي الجديد الأخضر الإبراهيمي ويعمل على إفشالها، مع أنها حبل النجاة له اليوم، وسيأتي يوم يرجو فيه تدخل الإبراهيمي وحلا دوليا ينقذه. فقد أفشل من قبل مبعوث الجامعة العربية رئيس المراقبين سيئ السمعة الدابي، ثم أفشل مهمة المبعوث الدولي كوفي أنان على الرغم من ميوله للموقف السوري - الإيراني، ولم يستجب لأي من النقاط الست لبدء التفاوض على حل سلمي. لسان حال الأسد اليوم، لسان سيف القذافي بالأمس «طز في الإبراهيمي والأمم المتحدة». والمبعوث الإبراهيمي استبق رعونة الأسد بإعلانه الخوف من إخفاق مهمته ومعترفا بأنها مهمة شبه مستحيلة، ونصح الرئيس السوري الذي ينوي زيارته السبت المقبل، بأن عليه مسؤولية أكبر بوقف عنف قواته من أجل إتاحة الفرصة لمحادثات الحل السلمي.
الإبراهيمي يمكن أن ينجح فقط إذا نجح الثوار في التقدم نحو العاصمة وضرب مراكزه الحيوية، سيشعر أنها أيامه الأخيرة، وأن حبل النجاة المتبقي ليفر من القصر هو المبعوث الدولي، الذي قبلت به كل الأطراف الدولية المعنية بالنزاع. حاليا، يشعر الأسد أنه محمي روسيا وإيرانيا، ويستطيع تحريك نحو ربع مليون من قواته وشبيحته لضرب كل المناطق من دون تمييز أو رحمة. وهذا وهم كبير، فقواته تتداعى وسيتخلى عنه الروس كما تخلوا عن القذافي.
وعندما تأتي لحظة الحقيقة لن يجد الأسد العون إلا من الإبراهيمي الذي قد يكون فاته الوقت. لن يقبل الثوار، ولا الشعب السوري، أن يفلت أكبر مجرم في التاريخ العربي الحديث من الحساب. الأسد سيجد أنه بلا مخرج، ولا حل، يمكن أن يقبل به الأيتام والأرامل والمشردون. فإن بقي عنده شيء من الشجاعة عليه أن ينهي حياته كما فعل هتلر، الذي تسبب في دمار ألمانيا، وقرر في آخر أيام الحرب أن ينتحر وأمر بحرق جثته. وإن لم يجد الأسد الشجاعة ليطلق النار على رأسه أو يبتلع حبة سيانيد، تنهي حياته وتنهي المأساة السورية، سيكون مصيره مصير سيف القذافي حينها لن ينجده الدابي ولا أنان ولا الإبراهيمي.
منقول عن "الشرق الأوسط" السعودية
عبد الرحمن الراشد
بشار على خطى سيف القذافي 2416