;
د. ضياء العبسي
د. ضياء العبسي

سلمية ثورات الربيع العربي 2706

2012-09-12 01:54:35


من أهم مبادئ ثورات الربيع العربي " مبدأ السلمية" وهذه الأهمية هي السبب باعتباره  أحد ثلاثة مبادئ أساسيه لهذه الثورات وقد أشرنا في مقالات سابقة إلى أهمية هذا المبدأ وأبرزنا هذه الأهمية من خلال جعله مبدأ أساسياً قائماً بذاته وليس مجرد إطار عام يغلف الفعل الثوري.
تكمن أهمية هذا المقال في محاولة إبراز التطور التاريخي لهذا المبدأ والذي من خلاله يبرز العمق المعرفي الذي اعتمد عليه ثوار تونس ومصر في صياغة الفعل الثوري.
من ناحية أخرى فإننا في هذا المقال نضع تساؤلاً في غاية الأهمية وهو هل كان صناع الفعل الثوري اليمني في فبراير من العام الماضي مدركين لهذا التراكم المعرفي المتعلق بمبدأ (السلمية) في صناعة الفعل الثوري البعيد عن العنف منذ عهد مهاتيم غاندي إلى الآن أم أنهم كانوا عفويين في فعلهم الثوري وما مدى استفادتهم من هذا التراكم المعرفي في صناعة الفعل الثوري.
 وتزداد أهمية هذا الجانب إذا ما ذكرنا بأننا وقبل كتابة مقال سابق لنا بعنوان (دور العمل النقابي في ثورات الربيع العربي)حاولنا تلمس التراكم المعرفي عند شباب كلية الحقوق بجامعة تعز وسألناهم عما يعرفونه عن تجربة غاندي في مقاومة الظلم بدون استخدام العنف وفي إطار من السلمية فلم نجد عندهم أي معارف حول هذا الموضوع، بل إننا لم نجد كتاباً واحداً يتحدث عن هذه التجربة في مكتبات جامعة تعز. وفي حال توصلنا إلى نتيجة هامه مفادها أن شباب تعز ليس لديهم أي فكرة تذكر عن هذه المعارف، فكيف لنا أن نقول إن تعز عاصمة الثورة. إلا إذا كان ذلك من باب الكثافة السكانية وهو أمر قاصر في تحقيق النجاح الكامل لصناعة الفعل الثوري لاعتماده على الكثرة العددية دون أي اهتمام يذكر للتراكم المعرفي على أهميته البالغة في صناعة الفعل الثوري وإهماله من قبل اليمنيين بعفويتهم.
ذلك أنني بعد مشاهدتي لبرنامج في قناة الجزيرة عن " جين شارك" مؤلف كتاب " من الديكتاتورية إلى الديمقراطية" قد جعلني أدرك أن هناك تراكماً معرفياً تم الاعتماد عليه في صناعة الفعل الثوري في ثورتي تونس ومصر، بل أن هذا الأمر لم يكن بعيداً عن ثوار سوريا الذين حاولوا تطبيق بعض أساليبه في صناعة الفعل الثوري المعتمد على الأساليب السلمية البعيدة عن العنف ومن تلك الأساليب وضع الزهور مكان الشهداء أو القيام بتنظيف الشوارع للإثبات أنه بالإمكان أن يقوم الثوار بفعل أفضل من أفعال النظام السابق من خلال تنظيف الشوارع.
ولم يكتف ثوار سوريا بمحاولة تطبيق بعض الأساليب التي أشار إليها وفصلها " جين شارك" في كتابه سالف الذكر بل أنهم ذهبوا إليه وحاولوا الوصول إلى حلول ناجعة في معالجة الوضع السوري الذي يختلف نوعاً ما عن الفعل الثوري في النماذج الناجحة في تونس ومصر فكان رد جين شارك عليهم " أن رأس النظام في بلد مثل سوريا كان يجب عليه في هذه الحالة أن يستقيل إلا وأنه لم يفعل ذلك فان الحل الأمثل يكون في إجباره على الاستقالة من خلال سحب مصادر الدعم من بين رجليه.
لقد أشار جين شارك إلى الكثير من المبادئ والأسس وقام بصياغتها صياغة حديثة ومتطورة وهي مع ذلك تعود في جذورها إلى نظرية غاندي في مقاومة الظلم دون اللجوء إلى عنف وهو بهذه الجهود يكون حدد المضمون الحديث لمبدأ السلمية الذي نجد له صدى فعلي على أرض الواقع في ثورات الربيع العربي، بل إننا يمكن أن نلمس تطبيقاً واقعياً لهذه الأسس والمبادئ في أحداث تاريخية مرت بها عدد من بقاع العالم في العصر الحديث.
ومن أهم هذه المبادئ والأسس الآتي:
1ـالتخلص من التجزئة: وتتمثل التجزئة عند جين شارك بتلك التجزئة التي يقوم بها النظام الديكتاتوري من خلال تجزئة المجتمع إلى مجموعات وفق أسس معينة بحيث يجد الفرد فيها صعوبة التحدث مع جاره بل مع قريب له خوفاً من إفشاء الأسرار.
2ـ كسب دعائم النظام: أهم دعائم النظام التي يستند لها هي الأمن والجيش والمؤسسات والعمال وحتى نتمكن من التخلص من نظام ديكتاتوري لابد من العمل على كسب هذه الدعائم وضمها إلى الثوار وذلك مثلاً من خلال الحديث مع الأمن والجيش بغية إقناعهم بأنهم جزء من المجتمع وهم في الأساس يسعون من خلال وظيفتهم العسكرية أو الشرطية إلى تحقيق المصلحة العليا للوطن وحمايته وخدمة الشعب وحمايته.
3ـ مقاومة العنف: يجب على الثوار عند صناعة الفعل الثوري السلمي أن يقاوموا العنف على الدوام وينبذوه في شعاراتهم وأهدافهم السامية ويتجنبوه تماماً ويعملون على عدم الوقوع فيه من خلال اتخاذ احتياطات معينة عند القيام بنشاطاتهم الهادفة للتغيير ومقاومة الظلم من تلك الاحتياطات على سبيل المثال وضع المقاتلين القدماء والنساء والأطفال في مقدمة التظاهرة ويكونوا مثلاً حاملين للزهور ومبتسمين ذلك لان رجال الأمن يجدون صعوبة كبيرة في إطلاق النار نحو من يحمل الورود وخاصة عندما يكونوا كباراً في السن تزين وجوههم ابتسامة عريضة.
ختاماً نقول إن شعارات التغيير ومبادئه العليا ليست مجرد شعارات فضفاضة الهدف منها الحشد أو كسب فئات معينة من فئات المجتمع وإنما شعارات ومبادئ ثورية ذات مضامين ممتلئة بمعارف وأسس علمية تم تطويرها على مدى فترة تاريخية طويلة.

 

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد