ساذجون نحن بامتياز، ننقاد إليهم وندخل في حماقتنا حد اللاوعي، ونحتفي بالهزيمة، نعلنها انتصاراً، ونتسرب إلى الوجع ونقهر أحلامنا، حين نأوي إليهم ونصاب بالخبل العقلي ونجزم أنّا قد قدرنا نذود عنا ونحمي معتقدنا منهم.
ساذجون وانفعاليون حين ننقاد إلى مبتغاهم بسهولة ويسر وندخل في صخب وفوضى ونهب وسلب، نحقق ما يريدون عبرنا، نثبت إرهابنا من حيث لا ندري، هم يقولون عنا: أمه تفرخ الإرهاب وإسلام يحتفي بالقهر والتطرف، ونحن نبرهن على نفي قولتهم بالنهب والسلب وقتل السفير ومن تطاله اليد وترصده العين.
هكذا نؤكد ما يريدون ونسعى إلى حتفنا بأنفسنا، وندعيها حمية، ونسلب وننهب ونصل إلى ما نقدر عليه من أذى من بوابة لا نرضى الدنية في ديننا..وبعد ئذ لما يسمون إسلامنا بالإرهاب والمسلمين بالتطرف؟ كأنا نعينهم على مبتغاهم يتحقق وأكثر وليس هناك أخلص منا لعداوتنا فينا.. نمضي معصوبي العينين نحو السب واللعن والدعاء بالويل والثبور وعظائم الأمور عليهم ثم بعدئذ نطالبهم بشراكة تنموية وتصدير القمح إلينا وملبسنا ونظن بهم ما نشاء ونبلغ من أنفسنا ما يبلغه الجاهل الأحمق من نفسه.
هكذا نحن ندخل في دائرة البؤس والشقاء ونتربص بنا، ونمنحهم ما يريدونه من الإيقاع بنا بسهولة ويسر ولا نقدر مرة على الانتصار لديننا بالعمل والمثابرة وإعمال العقل والكف عن الغضب والتخلص من الشعارات الفارغة لاستقطاب البسطاء ودفعهم باتجاه الحماقة كلها، ساذجون حين لانقدر على الإنتاج والإبداع، وحين لا نتمثل روح الإسلام ومنهجه في العدل والتقوى، وحين لانقررما نريده بالضبط ولانقدر على الدفاع عن هويتنا الحضارية وعن نبينا الكريم من ذات القرآن الكريم، ومن قوله تعالى (ومن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم ).. صدق الله العظيم آية واضحة لا لبس فيها المعاملة بالمثل .والجزاء من جنس العمل.
وكان بمقدور هذه الأمة أن تنتج فلما عن بشاعة الصهيونية، عن اغتصابها الأرض، وتطهيرها العرقي للفلسطيني، عن شرورها وآثامها في الكرة الأرضية، عن كذبة (الهلوكست) وكسر هذا( التابو) العقيم وتقديم الحقيقة ليس إلا.. كان بمقدور هذه الأمة أن تنتصر لدينها ونفسها بقيم الانتماء إلى الحق والخير والجمال إلى الحرية ومعناها البديع، إلى الاحتجاج بالمنطق والعقل والطرق القانونية، وإلى التعبير عن بالغ استياء هذه الأمة من خلال مؤسساتها كدول وكمنظمة إسلامية ومن خلال قوله تعالى (وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما )..
لقد نصر الله رسوله وعز دينه ونحن فقط من نقع في الهوان بغباء التعامل مع الطارئ المتصيد لنا الراغب في إثبات إننا أمة من فوضى وفيد وقتل وتدمير وأراد الفلم هذا ونفيناه نحن با لإثبات من حيث يريد فاعله ومن يقف خلفه.
ساذجون حين لا نعير معنى لقيمة الإنسان في وطنه وحين نمتعض من الرأي الآخر ونصدر فتاوى حسب الطقس ولا نعمل العقل وننأى عن العاطفة وننجز شيئاً نباهي به الأمم غير الانفجار السكاني وغبار يملأ الأفق بكثير من الوباء.
ساذجون حين لا نستغل ممكنات الرد القوي بالرأي الآخر وفضح سلوكيات التطرف الصهيونية وأصوليتها في معاداة الإنسان ومصادرتها لحرياته ومآسيها عبر التاريخ.. ساذجون حين لا نستغل ممكنات القوة ونذهب إلى الخديعة برجولة وفحولة ليس فيها سوى المرهق البليد والعاطفة اللا متبصرة وبعدئذ نتوهم أننا انتصرنا واستطعنا أن نرهقهم صعوداً، غباء يمتد من قاعدة إلى أنواع من السلوكيات والمفارقات الغريبة بين السلوك وما يدعو إليه جوهر ديننا الحنيف، نقف على الهامش وننسى المتن، نحفل باللحظة ونتغافل عن مستقبل ،ننطلق من الراهن ونغيب ماضي مشرقاً لا نقدر على استحضار قيمه فينا، أمة من نحس وتلاسن وتشرذم وقنوات تفضي إلى مس عرض رسول الله وصحابته بهدف بذر الشقاق والفرقة ونذهب من كل هذا الركام المزري، إلى فلم بائر قبيح هزيل أدانه الغرب قبلنا ومع ذلك أكدنا ما يريده البشعون ببشاعة النهب والفيد والحرق وما قدر عليه السذج من عوام ومهندسي فوضى وزارعي حقد وكراهية.
ساذجون حين ننسى نحن كأمة ونقع في براثن صيدهم بيسر وسهولة ولا نقدر على فهم ما نريد وكيف نريد؟ وحين نتوهم أننا نطالهم وليس لنا من أمرنا شيئاً ونحن شذر مذر كل يتربص بالآخر ويريد هزيمته ويعتلي منابر الإدعاء ويزور تاريخاً ويتلاعب بوطن ويمضي معصوب العين بحثاً عن ارتهان وتخندق ضد الآخر منا لرغبة في السيطرة والاستعلاء ثم نلقي باللائمة على الغرب يكيل بمكيالين، ونحن بعشرين مكيال على أنفسنا قهر وتجبر واستلاب ووصاية وديكتاتورية ودون معرفة بما يجب وما يمليه الضمير وديننا الإسلامي الحنيف.
ساذجون وحمقى حين لا نفقه الآخر ونعمل ولو قليلاً من أجلنا سيادة وطنية واكتفاء ذاتي وكأنا أمة أدق من شخصها شاعر العربية (أبو الطيب )بقوله: (يا أمة ضحكت من جهلها الأمم) وكأنه يعيشنا ويتعايش معنا اليوم بذات الحال والإدعاء والفرقة والأطماع والبحث عن لحظة عز وشرف وكرامة ذات موقف نابع من التبصر والعقل والحكمة وليس من حشود الغوغاء والسير في طريق الألم والتباهي بتحطيم سور سفارة ونهب خيط كهربائي ومعه كرسي وثلاثة (فيش).. أهكذا تكون نصرتنا لرسولنا الأعظم؟ وبأي معنى إذاً نقدر على الاحتجاج لدى الآخر الأوروأميركي؟ جعلناه يحمل الحكومات مسؤوليات الحماية الأمنية لكل البعثات وتحت عنوان أعذر من أنذر.
ساذجون وحمقى ونحن نتوغل في التعب ونسافر في اتجاه يحدده صهيوني كبوصلة لنا ونقع في ذات الإدعاء نجعله حقيقة ونهب بفوضى عارمة فيما هو يغدو مسكيناً مطارداً خائفاً يخشى الإرهاب وأمة الإرهاب، ويتحول من جلاد إلى ضحية، ومن مجرم إلى بريء، ومن إدانة واسعة إلى تحالف معه، حماية للحرية التي يصورها الغرب أنها مهددة وتريد أن تذبحها جماهير الأمة بالإرهاب وفوضى الإحتجاجات وبفعل غباء الساسة والمثقفين ومن لف لفهم.
وتلك ثالثة الأثافي حين لا نعرف كيف نحتج!، ولا نعرف كيف ندافع ونذود عن كرامتنا !وحين لا نقدر على اتخاذ قرار ولو رمزي لموقف يستحق أن ندينه ونرفع دعوى ضده وننال من فوضى حرية الغرب بنظام التفكير لدينا ورقي الإنسان في تعامله مع معتقده وهويته الحضارية ومن واقع ما يدعونا إليه سيد المرسلين محمد صلى الله عليه وآله وسلم ومن تمثلنا لسيرته الحافلة بأشياء كهذه وقد آذاه قومه ورموه بالقذى والشوك حتى أدمي ومع ذلك دعا.
محمد اللوزي
ساذجون بامتياز 2216