;
أحمد محمد نعمان
أحمد محمد نعمان

القَبِيْلَةُ وَدَوْرُهَا فِي الثَّوَرَاتِ اليَمَنِيَّة !!! 2082

2012-09-29 03:29:03


تعتبر القبيلة إحدى الظواهر التاريخية والاجتماعية و الثقافية والسياسية التي عرفتها اليمن عبر تاريخها الطويل وهي عبارة عن تجمع عدد من الأسر التي ترتبط فيما بينها بصلات القرابة والنسب , ويشير كُتّاب التاريخ إلى أن الدولة اليمنية في كثير من المراحل كانت من صنع القبيلة التي كان لها دور في تكوين الدولة أو سقوطها مثل سبأ وحمير ومعين.. ويتساءل الكثير عن دور القبيلة في الثورة الأولى 26/سبتمبر/1962م وعلاقاتها بالانقلابات والأحداث التي مرت بها اليمن منذ قيام الثورة وحتى اليوم وهل كان للقبيلة دور في تجميد أهداف الثورة السبتمبرية وانهيار الدولة التي ضحى من اجلها الأحرار بحياتهم وحرياتهم ؟ وهل يمكن للقبيلة أن تصبح وسيلة مساعدة لتحقيق الدولة المدنية التي خرج من اجلها الشباب؟ وكيف ذلك وما زالت تسيطر على المشهد السياسي؟.
وبرأيك أخي القارئ من الذي ساعد على نمو دور القبيلة وسيطرتها على مكامن صنع القرار؟ وهل للقبيلة دور في الثورة الشبابية السلمية ثورات الربيع العربي من حيث ايجابياتها وسلبياتها ومدى تأثيرها على مشروع الدولة المدنية الحديثة؟ وللإجابة على هذه التساؤلات نقول إن للقبيلة دوراً فعالاً في الثورة والجمهورية فمنذ قيام الثورة والجمهورية في الستينات من القرن الماضي برز هدف رئيسي هام تمثل في ضرورة التكامل بين القبيلة والدولة على توظيف الأولى بشكل ايجابي وبما يقوي من قدرات وقوة الدولة ,ويجعل القبيلة قادرة على حفظ دورها السياسي والاجتماعي ولكن في إطار المنظومة الوطنية، بَيْدَ أن النظام الاستبدادي اتجه إلى تكريس دولة القبيلة بدلاً من قبيلة الدولة واوجد فجوة واسعة ليس بين الدولة والقبيلة بل بين المجتمع والدولة واتجهت عقلية الحاكم إلى الموروث القبلي السيئ مثل تكريس عقلية القبيلة في إطار دولة الفرد والعائلة , كما وقف إلى جانب قبائل ضد أخرى ضمن لعبة المصالح (فرق تسد ) وسياسة كسب الولاءات الفردية وتقوية الضعيف وإضعاف القوي، هذا بالإضافة إلى إثارة الصراعات والحروب بين القبائل ذاتها وبين المناطق، مما اضعف ثقة القبيلة والمجتمع معاً في الدولة وحاكمها وكانت نتيجته لزوم تغير النظام وانتقال السلطة إلى رئيس جديد وحكومة وفاق جديدة عبر الوسائل السلمية التي نتاجا للثورة الشبابية، غير أن القبيلة والى جانبها النظام السياسي السابق وما طرأ بينهما من تحالفات أدت إلى إضعاف دور القبيلة والدولة وأوجد عداء بين الدولة والمجتمع المدني، كما أنه أدى إلى زعزعة الاستقرار الاجتماعي وعزّز من الصراعات السياسية وذلك بهدف استمرار النخبة في الحكم وهو ما أدى إلى تجميد أهداف الثورة السبتمبرية وانهيار الدولة التي ضحى من اجلها الأحرار كالزبيري والموشكي والنعمان وغيرهم وأصبحت الأهداف عبارة عن شكل وديكور تتناقله وسائل الإعلام ولكنه خالٍ من المضمون، حيث أن النظام السياسي برئاسة الرئيس السابق (علي عبدالله صالح) قد انشغل كثيراً، بل وأولى جل اهتمامه وجهده في كيفية توريث الحكم للأولاد والأقارب والعائلة وتحويل مؤسسات الدولة إلى ما يشبه القطاع الخاص به وبالعائلة، وبالتالي جرد أهداف الثورة من معانيها الحقيقية الهادفة إن لم يكن عطلها نهائياً.
فالملاحظ أن القبيلة أصبحت في الوقت الحاضر وسيلة مساعدة لتحقيق الدولة المدنية الحديثة التي خرج من اجلها الشباب اليمني، حيث أن القبيلة وعبر التاريخ الحديث وما قبله ذات أهمية سياسية كبيرة في بناء الدولة المدنية وتشكل مكوناً من مكوناتها وسلطتها، كما أنها تلعب دوراً بارزاً في صياغة القرار السياسي ومع ذلك فهي تملك قدرة على وقف أي قرار يتعارض مع مصالحها وقد ساءت علاقتها مع النظام السابق وهو ما أدى إلى وقوفها مع ثورة الشباب السلمية . ويُنْظَر إلى القبيلة في اليمن على أنها كيان وطني فهي احد مكونات الشعب اليمني وعندما انخفض دعمها للنظام ضَعُفَت قبضة الرئيس السابق على السلطة والحكم، فعلى الرغم من تقربه إليهم بالأموال تارة وإنشاء الفتنة بينهم تارة أخرى فقد تخلى معظمهم عنه وصار أبناء القبائل المتشاجرة والشيوخ يجلسون معاً داخل الخيام وفي ميادين التغيير جنباً إلى جنب مع الثوار والشباب في العاصمة صنعاء وفي ميادين التغيير في بقية المحافظات اليمنية.
وأرى أن الذي ساعد على نمو دور القبيلة وإحكام قبضتها وسيطرتها على صنع القرار هو النظام السابق المتمثل في حزب المؤتمر الشعبي الذي فقد أي إستراتيجية يمكن الحديث عنها وأصبحت القبيلة هي المبرر الوحيد لوجوده، فتهيأ الجو لدى بعض مشائخ القبائل ولمن يرغب منهم في المشاركة بالنظام، حيث أصبح باستطاعة المؤتمر توظيف أتباع مشائخ القبائل وبقدرته إقامة المشاريع والخدمات في مديريات أعضاء المؤتمر، مما أدى إلى تمكن القبيلة من مصدر القرار وظن الشعب انه لا حقوق له ولا مواطنة محترمة، إلا لمن ينضوي تحت شيخ القبيلة وانه هو الطريق الأهم إن لم يكن الأوحد في سبيل الحصول على الخدمات الأساسية وحاجيات المواطنين.
وقام المؤتمر بدعم مصالح القبائل والمشائخ الموالين له في عدة أوجه منها المباشرة عن طريق الدعم في الموازنة العامة للدولة وهو احد أشكال الفساد في اليمن، أضف إلى ذلك المرتبات والأجور والمكافآت التي تُسلمها السلطة لموظفي الأمن التابعين للقبائل وشيوخها عبر وزارة الإدارة المحلية وهناك عوامل خارجية سلكت نفس الاتجاه حيث كانت دول الجوار، وخصوصاً السعودية تقدم المساعدات والتشجيع المستمر للقبائل اليمنية ودعمهم بالمال والسلاح وبالأخص القبائل الحدودية بل وتمنحهم الجنسية السعودية حتى يتمكنوا من التنقل بين اليمن والسعودية بحرية وبالمقابل لم تستفد الدولة اليمنية أي شيء وإنما استفاد المؤتمر الشعبي الذي تقوده رموز كلها نشأت وترعرعت في حضن القبيلة، أما الشعب والدولة فلم يستفيدوا، إلا المشاكل التي سببتها القبيلة والنظام السابق ومنها اختطاف الأجانب وتفجير أعمدة محطات الكهرباء وقطع الطريق والاعتداء على أنابيب النفط .
وقد حرصت القبيلة أخيراً على أن يكون لها أسبقية نموذجية في مناصرة الثورة الشبابية السلمية الشعبية حيث لعبت الدور الأبرز في بناء مستقبل اليمن الجديد وثبت لها ذلك من خلال تواجدها في ساحات وميادين الثورة، بل كانت من أوائل القوى التي بادرت إلى حماية الشباب ولبت مطالب الثوار وكانت أصواتها أول الأصوات المطالبة بالدولة المدنية الحديثة ويظهر ذلك من خلال ترك رجال القبائل أسلحتهم في بيوتهم وتوجههم إلى ساحة الحرية وميادين التغيير والاعتصام وواجهوا رصاص النظام السابق بصدورهم العارية مع قدرتهم على حمل السلاح ومن هذا المنطلق اتضح أن النظام السابق هو من رسم الصورة السيئة للقبيلة حيث لجأ إلى تحريض القبائل بعضها على بعض كوسيلة للحفاظ على ولائها له، الأمر الذي جعل بعضاً من القبائل تقف موقفاً سلبياً من خلال اتباعها له وتفضيل مصالحها على مصالح الشعب والوطن والثورة والوقوف ضد حركة التغيير، غير أنها لم توفق في ذلك كما لم يوفق النظام السابق .
 

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد