لا أعلم لماذا لا يصدق البعض عيونهم وهم يشاهدون طلاب جامعة تعز وقد أعلنوها واضحة للجميع دون خوف "الأول من أكتوبر يوم الغضب الجامعي".
لا يصدقون عيونهم وهم يشاهدون هذه المظاهر الثورية السلمية الرافضة للظلم والفساد واللامساواة وانعدام العدالة بين الطلاب وأعضاء هيئة التدريس على السواء، إلا أنهم وفي الوقت نفسه لا يستوعبون أن لهؤلاء الطلاب حقوقاً يجب أن تؤدى مقابل التزامهم بدفع الرسوم الجامعية المقررة قانوناً.
ليس هناك رفض أو امتعاض من الطلاب لأداء هذه الرسوم، بل سيكونون في منتهى السعادة وهم يقومون بواجبهم القانوني في دفع الرسوم في حال قامت الجامعة بأداء واجبها نحوهم كما هو محدد قانوناً، ذلك أنه ووفق القاعدة "لكل واجب حق يجب أن يدفعه من يؤدي إليه هذا الواجب".. ليس من العدل أن يلتزم الطلاب بدفع الرسوم الجامعية في وقت انعدام الأنشطة الطلابية وعدم توفر ابسط احتياجات الطالب الجامعي التي هي ضرورية ولازمة لقيام المرفق العام بتقديم خدمته للطلاب والتي بدونها يتوقف هذا المرفق الحيوي والهام عين المحافظة وعصبها ورائد العلم والثقافة فيها عن القيام بأجل وأنبل خدمة/ إنها خدمة العلم لأبناء المحافظة.
في جامعاتنا اليمنية يسعى أعضاء هيئة التدريس إلى التقاسم والمحاصصة في الثروة الوطنية المحددة وباعتباره مالاً عاماً في إطار هذه المؤسسات الأكاديمية، مخالفين بذلك وعن قصد ومن اجل مصالحهم الشخصية قواعد القانون الإداري ومبادئه العامة ونظرياته الفقهية وكل ذلك على حساب المصلحة العليا للوطن في المحافظة على الأموال العامة في هذه المرافق العامة وبناء أجيال المستقبل الذين سنعتمد عليهم في بناء الدولة المدنية الحديثة.. وهم في سبيل ذلك يسعون للسيطرة سيطرة كاملة على الاتحادات الطلابية في الكليات وفق أفكار إيديولوجية سياسية وهم بذلك يؤثرون بشكل بالغ على الحرية الأكاديمية والأساليب الخدمية التي يجب على هذه الاتحادات أن تقوم بتقديمها للطلاب كافة دون تمييز بين اللون والمنطقة والتوجه السياسي.
طلاب جامعة تعز غاضبون لأنهم أكثر وعيا للفساد من حولهم وإخلاصاً لجامعتهم ووطنهم منا نحن أساتذتهم وليس من حقنا أن نمنعهم من أن يغضبوا، لأن من أبسط حقوق الإنسان أن يعبر عن غضبه الشديد إذا ما شعر به طالما وأن تعبيره في إطار من السلمية.
ما يجب علينا الإشارة إليه هنا انه يجب القيام بإعادة بناء الاتحادات الطلابية في الجامعات على أسس وطنية وبالشكل الذي يجعل من أساليبها في قيامها بخدمة أبنائنا الطلاب أساليب عادلة تحقق الخدمة الجامعية لجميع الطلاب دون تمييز ولا يمكن لنا أن نحقق ذلك على أرض الواقع إلا إذا توقفت الأحزاب عن السيطرة على الاتحادات الطلابية في الجامعات وصمت أولئك الأكاديميون الذين لا نسمع لهم صوتاً إلا إذا شعروا أن هناك تغييراً سيقودنا نحو الأفضل بشكل لا يحقق لهم مصالحهم الخاصة بالشكل الذي يرفع عنها الطابع الحزبي ولا يجعلها مختلفة في توجهاتها الحزبية من كلية إلى أخرى، لأن ذلك من شأنه أن يحقق صراعاً حزبياً بين الطلاب قد يستغل أحياناً ولا يراد لها التوحد في المطالب والأساليب أحياناً أخرى، لأنها لا تخدم مصالحهم.
كما انه من الضروري إعادة النظر في التوازن القائم بين ما يقدمه الطالب من واجبات وبين ما يأخذه من حقوق ذلك أن الحناجر تعلوا بالصياح لتطبيق القانون عند امتناع الطلاب عن دفع الرسوم احتجاجاً منهم لعدم حصولهم على حقوقهم في إطار النشاطات ألجامعيه، إلا أننا في الوقت نفسه لا نجد لهؤلاء أي اهتمام أو كتابات تتعلق بضرورة تطبيق القانون في جانب آخر يتعلق بحق الطالب في الحصول على خدمات جامعية وأنشطة طلابية مقابل ما يدفع من رسوم أو في إطار ما يقدمه المرفق العام من خدمة للجمهور.
د. ضياء العبسي
يوم الغضب الجامعي 2197