لا أحد يستطيع أن ينكر دور علي سالم البيض في النضال الوطني ومشاركته في تحقيق الوحدة اليمنية المباركة، فلقد كان هو صانعها الأول .. لكن الذي يدرس تاريخ الرجل بموضوعية يدرك انه يمتلك من الحمق لو وزع على أهل مدينة لكفاهم ..لقد كان حمقه هذا هو السبب في كل المشاكل والمآسي التي عاشتها اليمن عامة وأبناء المحافظات الجنوبية خاصة ..
علي سالم البيض هو من مكن علي عبد الله صالح من السيطرة على المحافظات الجنوبية والقضاء على حلم اليمنيين في إقامة دولة ديمقراطية حديثة في عام 1994ميلادية بسبب حمقه..
ظهوره على المشهد السياسي من جديد بعد غياب طويل ودعوته لفك الارتباط في 2009، كانا بمثابة كارثة على القضية الجنونية وخدمة مجانية لعلي عبد الله صالح....
أنا شخصياً أعتقد أن أكثر إنسان خدم علي عبد الله صالح هو علي سالم البيض وإن كان بطريقة غير مباشرة ...والشواهد على ذلك كثيرة ..أولها: في حرب صيف 94عندما أعلن علي سالم البيض قرار الانفصال , وكان هذا سبباً في الالتفاف لشعب اليمن شماله وجنوبه مع علي عبد الله صالح، ليس حباً فيه لكن حباً في الوحدة , هذا الالتفاف استمر لسنوات وتمكن من خلاله صالح أن يحكم سيطرته على مقدرات البلاد وتمكين له وللعائلته , لولا قرار الانفصال المشؤوم ما استطاع صالح وقواته أن ينتصرا، ربما كان صالح هو من فر إلى عمان..
لقد وقفت القوى الوطنية بمختلف اتجاهاتها الفكرية بما في ذلك قوى تنتمي إلى الحزب الاشتراكي اليمنى الذي كان البيض أمينه العام مع «صالح» ليس حباً فيه ,إنما حباً في الوحدة التي خانها صالح وحولها إلى مشروع شخصي للإقصاء والهيمنة ومصادرة السلطة والثروة ...
لقد هزم البيض في تلك الحرب وفر إلى عمان وظل فيها صامتاً قرابة 15 عاماً لم يقل كلمة واحدة، لو كان صاحب قضية ويهمه أمر المحافظات الجنوبية لاستمات في الدفاع عنها وظل يقاتل حتى آخر قطرة من دمه كما يفعل المناضلون الحقيقيون الذين يرفضون الفرار، لكنه للأسف آثر سلامته الشخصية على بلاده.
الشاهد الثاني في 2009بعد أن خرج أبناء المحافظات الجنوبية إلى الشارع وأعلنوا عن الحراك السلمي للمطالبة بتصحيح مسار الوحدة التي صادرها صالح، ظهر البيض ليقدم لصالح خدمة جديدة ويركب موجة الحراك من خلال إعلان مشروع فك الارتباط الذي ضرب القضية الجنوبية في مقتل وحولها من قضية مطلبية عادلة إلى قضية سياسية وأفقدها التعاطف الشعبي الكبير الذي كانت تحظى به في المحافظات الشمالية وأعطى مبرراً لصالح لضرب الحراك تحت ذريعة الحفاظ على الوحدة , والكثير من ذلك أن هذا المشروع أدى إلى تشرذم الحراك وتفرقه إلى فرق وجماعات ... أليس هذا عملاً أحمق؟.
لقد كان أمام علي سالم البيض فرصة ذهبية يستطيع أن يكفر عن أخطائه السابقة ويجعل من نفسه قائداً تاريخياً وبطلاً ثورياً لو أنه يوم أن خرج بعد صمته الطويل يدعو إلى فك ارتباط الشعب اليمن كله عن نظام صالح وعائلته ويعلن دعمه للقوة الوطنية التي تسعى إلى إنقاذ الوطن من هيمنة حكم العائلة، «لكن الحماقة أعيت من يداويها» لقد أصر على تكرار نفس الخطأ وتقديم خدمة جديدة لصالح وعائلته وإحراج القوة الوطنية التي رفضت المشاركة في احتفالات عيد الوحدة إلا بحضوره من خلال إصراره على الانفصال وفك الارتباط .. ولا يزال هذا الرجل مصراً على الحماقة حتى اليوم رغم الثورة الشعبية التي هزت عرش صالح وعائلته وحدوث الانتقال السلمي للسلطة، فهو يسعى جاهداً إلى عدم توحد فصائل الحراك ودخولها في مؤتمر الحوار الوطني برؤية موحدة تخدم القضية الجنوبية وتعيد حقوق أبناء المحافظات الجنوبية ويريد فرض رؤيته بقوة زاعماً أنه وصي على الجنوب وممثله الوحيد .
تيسير السامعى
الرجل الأحمق... 1767