;
ألطاف الأهدل
ألطاف الأهدل

كيف تتحول الكتابة من نهم إلى هم؟ 2456

2012-10-07 02:22:59


 حين ينضب وقود الذاكرة وتنطفئ جذوة المفردات ويفقد الكاتب قدرته على التصوير، لأن كل ما حوله سراب في سراب!.. الآراء الغارقة في وحل المصلحة والاتجاهات المتعاكسة حد الذوبان في أفق الحدث ويشعر الكاتب أنهُ يعيش بلا هوية لفظية ولا انتماء لغوي وكل ما يفعله هو العثور على خيمة صحيفة تقيه حرارة الصيف وزمهرير الشتاء، ناضب أصبح قلمه، جاف أسلوبه، بعيدة رؤيته، غارقة في ظلام الفرقة خواطره حتى يكاد يفتقد القدرة على تحديد خطاه الثائرة على جسده.. هكذا تتحول الكتابة لدينا من مجرد فكرة يحتويها عمود صحفي إلى ركامٍ من المفردات الهشة التي تحرك شراهة البعض وتحبس أنفاس آخرين، هكذا تتحول كلماتنا تلك من موردٍ ينهل منه القارئ فائدة مختصرة إلى دخان يزكم أنوف الكثيرين من عشاق الكلمة، الكلمة اللذيذة، الدسمة، الحبلى بالإثارة والغموض والروعة والجمال.. قرأت كثيراً وقرأ لي كثيرون ولم أجد من بين هؤلاء من يتقن تضميد الجراح في الوقت الذي أتقنت فيه أنا فن الترف والثرثرة الحرفية، لم أجد من بينهم جميعاً من يتذوق المفردة كما هي بلا إضافات أو رتوش أو محسنات صناعية، الكل يفهم النص كما تقتضيه رغبته وتملي عليه حاجته من النهم للقراءة والتحليل والتماهي مع السياق العام للمقال أو القصة القصيرة أو القصيدة التي أشعلت رأس أحدهم شيباً على حد تعبيره!.. لكن الحقيقية أن الكاتب يذهب إلى أقصى حدود الذاكرة ويغوص في أعمق قيعانها ليعود بتلك الآنية المزخرفة بروعة اللغة والتي نتراصف عليها المعاني في أجمل شكل وأأنق صورة.
 الحقيقة أن الكاتب يعيش حالة مخاض فردية من أسوأ وأصعب حالات المخاض التي يكون فيها جنين المقال مترجلاً ويتأبى رأسه أن يغادر قمقم العقل دون أن يحدث انفجاراً مدوياً يعلن عن ولادة فكرة لا تلبث أن تصبح موءودة بين يدي الساسة أو المجتمع أو التيارات الدينية العابثة بالهوية الإسلامية وفق قالبها القبلي المتمكن ثقافياً.. يعيش الكاتب أو الكاتبة اليوم أسوأ فترات الكتابة الصحفية بكل ألوانها السياسية والاجتماعية والوجدانية والدينية لأنها مجرد انعكاسات منكسرة لهذا الزخم التاريخي والعاصفة الحضارية غير المتزنة والتي لا تحمل الرأي الثقافي على محمل الجد، بل إن الكتابة أحياناً قد تتحول إلى شيء من التفاهة والسفه والدونية..
لهذا تتحول الكلمات على أعمدة الصحف إلى لكمات موجعات، والأخبار إلى أحبار ورهبان والإضاءات الفكرية إلى إساءات تكفيرية.. كل شيء أصبح ممكناً بعد موجة الأحداث التي اختطفت ألق الكتابة الصحفية وجعلت أروقة الصحف تضج بالمتسكعين والعاطلين عن النقد والتدوين وأبناء السبيل من المثقفين الذين يصطادون البعوض والذباب وكأنهم يصطادون الفراشات، لأنهم يرتدون عوينات سوداء لا تشبه الليل ولا تعبر عن الظلام وليس لها أجنحة كأجنحة الخفافيش.. هكذا تتحول الكتابة من نهم إلى هم نحتسيه رغماً عنا، لأننا النخبة المتشربة بعشق الكلمة ومدام الحرف ولهذا نعاني دائماً سكرة الاحتساء على أسطر المفردات.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

الحسن بن علي ابكر

2024-06-30 00:59:37

لا تسقطوا في مسقط

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد