يوم الجمعة ١١ /١١ /٢٠١١م من أيام تعز الخالدة... ففي يوم مقدس وفي ساعة مقدسة وفي مكان مقدس كانت الحشود تتدافع، فاليوم هو الجمعة والساعة هي ساعة صلاة الجمعة و المكان ساحة الحرية بمدينة تعز ساحة الصلاة وساحة النضال والصمود كانت الجموع الغفيرة تتدافع إلى الساحة من كل الاتجاهات لتلتحم بالمعتصمين وهي طاهرة متوضئة تنادي ربها، تشكو إليه ظلم الطغاة وطغيان من باعوا ضمائرهم وأرخصوا الدماء من القادة العسكريين والولاة الموالين للعائلة.. ومع تزاحم الحشود وإصرارهم تزداد أزيز الرصاص بمختلف الأسلحة جنوناً وكثافة ويسمع دوي القذائف هنا وهناك منطلقة من مستشفى الثورة، حيث يتمركز الحرس الجمهوري ومن جبل "جرة" حيث يتمركز اللواء ٣٣ ورغم كثافة النيران إلا أن الجموع تزداد تكاثراً والنفوس تعلو إلى السماء وتزداد وقاراً والتكبيرات تتعالى وكأن هذه القذائف المدمرة تلقى تكريماً لهذا الجمع المهيب فالناس في وقار وتكبير وتحميد فما أعظمك يا تعز!!
جن جنون القتلة ما هؤلاء القوم من النساء والرجال لماذا لم يهابوننا؟ لماذا لم يعبروا قذائفنا ورصاصنا؟من أي جنس هؤلاء الناس؟ هل هم بشر مثلنا؟ وكان لسان حالهم يقول: إذا كنا نحن المجرمون القتلة نخافهم وترتعد فرائصنا عندما نشاهدهم ونحن في حصوننا وفي كامل عتادنا وعدتنا وهم في مسيرتهم السلمية يهتفون ويزمجرون لا سلاح لهم إلا أصواتهم؟ ما الذي جعلهم لا يهابون الموت؟ أم أن رصاصنا وقذائفنا التي نطلقها عليهم لا تقتل ولا تجرح مما جعلهم في أمان؟
إن تحدي الجماهير الثائرة زاد المجرمين حقداً وانتقاماً فكان رد فعلهم لابد من قصف الساحة بالسلاح الثقيل وقصف كل شيء جميل في تعز من منازل ومباني وسيارات فوقعت القذائف على المصلى... ولاعتقادهم أن النساء ربما أكثر رهبة من الرجال لقذائفهم ولذلك استهدفوا مصلى النساء فسقطت الشهيدات و على رأسهم الشهيدة/ تفاحة العنتري والشهيدة/ زينب العديني والشهيدة/ ياسمين الأصبحي وأصيب أخريات بجراحات خطيرة وعلى رأسهن الأستاذة/ زينب المخلافي التي شاهدها الجميع على شاشات تلفزيونات محلية وعالمية وهي تصارع السقوط على الأرض بكل شموخ كما سقط أكثر من ١٣ شهيداً آخرين منهم من إصابته قذائف المجرمين إلى منزله أمثال الشهيد/ هاني الشيباني الذي وصلت إليه قذيفة الموت وهو آمن في بيته يتناول طعام الغداء بعد أن أدى صلاة الجمعة وكم كانت أخت الشهيد الأستاذة/ وفاء الشيباني عظيمة فرغم مصيبتها بأعز الناس إليها إلا أنها شمخت وجمعت قواها وشاهدها الجميع وهي تكتب على الجدار من دم أخيها ارحل يا قاتل.
استمر الشموخ واستمر الناس في صلاتهم رغم الشهداء الذين ترفع أرواحهم إلى السماء تباعاً ورغم الدماء التي تنزف طرية لم يتحركوا من أماكنهم منصتين لخطيب الجمعة ويثبتون بعضهم (من كان يوماً بالثورة ويؤمن بالله وباليوم الآخر فلا يبرح مكانه) فكانوا كلهم أبطال ليس بينهم ضعيف أو جبان.
فهذا يوم خالد كيوم أحد للمسلمين عندما قال صلى الله عليه وسلم (أحد جبل يحبنا ونحبه) وأبناء تعز اقتدوا برسولهم الأعظم واعتبروا هذا اليوم يحبهم ويحبونه.
وكان لهذا اليوم ما بعده فلقد كان له أثر عظيم على المجرمين مما جعلهم موقنين بالرحيل فسارعوا إلى توقيع المبادرة الخليجية بعد أيام قلائل منها كطود نجاة أخير لهم كونه لا أمل لهم في البقاء بعد اليوم فهذه هي المحاولة الأخيرة للقضاء على الثورة باءت بفشل وخزي عظيم.
ونحن نذكر شهداءنا بكل عزة وإباء وبهذه الذكرى نخاطب القيادة السياسية ممثلة بالرئيس المشير/ عبد ربه منصور هادي وحكومة الوفاق ممثلة برئيس مجلس الوزراء الأستاذ/ محمد سالم باسندوة، نقول لهم.. تعز التضحية.. تعز الفداء.. تعز الجريحة.. تعز الثورة لم يرد لها اعتبارها حتى الآن، فالقتلة ما زلوا في مواقعهم يحكمون ويتغطرسون ويتعاملون بكل كبرياء وكأنهم هم المقتولون والشهداء، هم المجرمون!! إلى متى سيستمر صمتكم وتعز تستنصركم لشهدائها وجراحاتها فهل نسيتم ذلك؟!.....
تعز بكل بشرها وأحجارها وأشجارها ثارت على الظلم حتى وصلتم إلى المواقع التي اعتقدت أنكم باستطاعتكم نصرتها فاستراحت استراحة المحارب.. فتعز لا تستجدي النصرة ولكنها تطالبكم الإنصاف وتطهيرها من القتلة والمجرمين والشروع بتأسيس الدولة المدنية التي من اجلها ضحى هؤلاء الشهداء وكل شهداء الوطن كأقل واجب وفاء لهم وستظل الثورة في نفوس أبناء تعز حية متوهجة ولن يقر لهم قرار حتى يشاهدوا الأهداف التي خرجوا من أجلها قد طبقت على أرض الواقع ونقول لكل مجرم وكل من تسول له نفسه.. لا تختبروا غضب تعز وثوريته فقد خدع من قبلكم وأخطأ التقدير وكانت النتيجة كما رأيتم ولسان حال الجميع (وإن عدتم عدنا).
رئيس التكتل الوطني لأعيان تعز الأحرار
محمد مقبل الحميري
الذكرى الأولى لشهيدات المحراب بساحة الحرية بتعز 2533