كم هم عظماء جادوا بأغلى ما يمتلكون، ضحوا بأرواحهم وسعادة من يعولون من آباء وأمهات وزوجات وأبناء، فكل ما في الحياة لا يساوي شيئاً عند أم فقدت ابنها أو طفل فقد أبيه، إلا أن الهدف الذي خرجوا من أجله منذ اللحظات الأولى لانطلاق شرارة الثورة وبتضحياتهم تلك استعادت اليمن كينونتها ومعها استعدنا ذواتنا التي دمرت خلال مراحل حكم النظام السابق.
إنهم الشهداء روح الوطن وعزته وحراس مكاسبه ,إنهم اليمن الجديد الذي رفعوه شعاراً للثورة جسدوا من خلاله طموحات اليمنيين..
التقينا جميعاً في ميادين الثورة وقد رسمنا لأنفسنا سبيلاً وضحاً عنوانه (اليمن الجديد أو الموت من أجل ذلك) وهو هدف اتسعت معه آمالنا بوطن يحكمه اليمنيون بعيداً عن الحكم الفردي الذي حكم البلاد بالطغيان والفساد , فخلقنا معادلات جديدة من الوئام والتوافق لم تكن موجودة في عالم السياسة.
كنا نتسابق إلى خطوط المواجهة، فاصطفى الله من بيننا شهداء لربما كانوا أكثر إخلاصاً منا , فودعناهم إلى قبورهم آخذين على أنفسنا المواثيق بأن نواصل السير حتى نحقق أهدافهم..
إلا أننا اليوم نلاحظ بوادر لدى قلة ممن شاركونا العهد والوعد بالوفاء لدماء شهدانا وجرحانا بقصد أو بدون قصد للتراجع عن تلك الوعود التي قطعت، والمؤلم أن يأتي هذا التصرف من قبل ثوار طالما كانوا يرفعون أصواتهم بذلك بالعهد..
قطعنا على أنفسنا عهوداً بالمضي قدماً حتى إيجاد اليمن الجديد، فكيف بنا ونحن نراه يتخلق بين أيدينا، فيولي بعض منا وجهه صوب أنانيات شخصية ومصالح ضيقة ومعتقدات عفا عليها الزمن ولا تليق بثوار خرجوا ينشدون مصلحة الوطن فوق كل اعتبار، ولكم هو مؤلم أن نجعل من دمائهم ألواناً يواري بها أولئك قبح نزواتهم من أجل تحقيق مصالح فئوية وشخصية، فإن لم تتحقق تلك المصالح الضيقة اتخذوا من أجساد وأرواح الشهداء متارس لهدم ما أنجزوا... فالوفاء لشهدائنا بأن لا يزايد بهم على حساب أهداف ثورتنا أبداً ماحيينا..
والوفاء للشهداء والجرحى يقتضى منا أن ننصرف إلى ميادين البناء وتعمير اليمن الجديد، وأن نحافظ على جبهتنا الثورية موحدة في مجالات الإعمار والسير بنهج الثورة حتى نطمئن للدولة المدنية المنشودة، وهي من أهم بوابات الولوج إلى اليمن الجديد ,وغير ذلك باعتقادي يمثل خيانة لهم, وأكبر أنواع الخيانة أن ننكفئ على أنانياتنا الضيقة، فنحاصر التقدم ونضع القيود على البناء والتنمية أو القبول بأن نساوي أنفسنا بالشهداء، فهم خير من الكثيرين، تقدموا حين تأخرنا وأسرعوا حين تباطأنا، فلا نتباطأ في مسيرة الإعمار وفاء وبرا بهم إن كنا صادقين...الرحمة والخلود لشهدائنا والنصر والعزة للوطن.
نشوان الحاج
الوفاء الحقيقي لدماء الشهداء 1639