إن فلول الأنظمة المتهالكة لا تريد أن تعترف بأن رصيدها قد نفد وانتهى بغير رجعة، بعد عقود من الحكم الفردي العبثي والتعاطي الوحشي مع قضايا الشعوب العربية، وذلك بفعل ثورات الربيع العربي التي هبت بعاصمة شعبية لازالت تحاول إحداث تغيير حقيقي شامل في الوطن العربي..
لتدرك النخب والقوى والأحزاب كافة سواء باليمن أو بمصر أو تونس أو ليبيا أن العودة إلى الوراء والمصالحة مع أزلام صناع الفساد ورمز الدكتاتوريات الساقطة مستحيلة وأن الاستبداد بات غير ممكن، فإن يكمن في تحقيق أهداف الثورات التغييرية غير منقوصة والتعامل الموضوعي والعقلاني مع إحداثيات الواقع الجديد.
لقد شكلت الانتفاضة العربية الكبرى التي شهدتها مختلف الأقطار من المغرب إلى المشرق لحظة مفصلية في تاريخ الأمة، بعد عقود من الاستبداد و الفساد والمعاناة من تردي المعيشة..
إن الهيئات السياسية والهياكل الحزبية والأهلية في غالبيتها العظمى كانت أذرعاً سحرية لـ"أصحاب المعالي والفخامة" عملوا جنباً إلى جنب الحكام من أجل هدر الموارد المادية والبشرية، والسباحة في البرك المتعفنة..
لازالت بلدان الربيع الديمقراطي، سواء التي أطاحت بزعمائها، أو تلك التي حاولت إنجاز التغيير من داخل النظام نفسه، بحاجة إلى نضال يجتث الفساد وأزلام بقايا الأنظمة الظالمة، ومشوار محاربة الفساد وتفكيك البنية التحتية لطاعون الاستبداد طويل ومتعب ويستدعي تضحيات جسام..
ينبغي فك القبضة السياسية المسيطرة على الثورة ليتسنى لشباب الثورة ممارسة التصعيد والضغط الثوري بأساليب سلمية وحضارية وبالتالي كنس بقايا الساقطين، ولتمشي العملية السياسية في الخط الموازي لخط الثورة، ورموز وقادة النخب مطالبون أكثر من أي وقت مضى بالإدلاء بتصوراتهم الموضوعية، كوننا في أمس الحاجة لكل الأصوات الصادقة والهادفة بتصوراتهم الموضوعية.
إيمان سهيل
السباحة في البرك المتعفنة 1665