في ذكرى مولدك يا رسول الله نتذكر عبادتك الفريدة، وأخلاقك السامية، وشجاعتك النادرة، ودعوتك الصادقة، ونجاحاتك الشاملة، نتذكر كيف أحييت أمة من الموات، كيف انتشلتها من الأيديولوجيات العشوائية المجافية للفطرة، ومن قاع الانغماس في القيم الجاهلية السلبية، كيف انطلقت بها إلى آفاق رحبة تجاوزت كل الحضارات القائمة آنذاك، كيف ربيت رجالاً تغيرت أحوالهم إلى أن صاروا في دين الإسلام يشار إليهم بالبنان بعد أن كانوا لا يذكرون في جاهلية مطبقة! كيف عم العدل والخير والرحمة والتعايش بين الناس جميعا بكل فئاتهم و في ظل تبايناتهم يوم أن أشرقت نورا في رسالتك العظيمة.
أيها الحبيب المصطفى تمر علينا ذكرى مولدك العظيم فنرنو إلى ذلك الضياء الذي عم الدنيا بأسرها، ثم ننظر لأحوال المسلمين اليوم فنحزن حزناً يقطع نياط قلوبنا، نتطلع لأن يعود مجد المسلمين،لأن يعودوا إلى كتاب ربهم وسنة نبيهم محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ علّهم يحظون بأنوار هدايتك لهم،علّهم ينتشلون أنفسهم من هوان طال أمده، علهم يعودون إلى قيم الإسلام السمحة التي تلاشت من واقعهم، ويبرؤون من طغيان القيم السلبية المستوردة، علّهم يتركون حالات الاستخذاء والدعة فيعملون لدينهم ودنياهم، علّهم يعملون لهذا الدين كما كان أسلافهم،علهم يجسدون معنى الحق والكرامة والحرية والقوة في واقع خلا من كل هذه القيم.
إننا ونحن نحتفي بمولدك العظيم ـ أيها النبي الكريم ـ نذكر أنفسنا وندعو قومنا بأن لا معنى للاحتفالات الصاخبة بمولدك العظيم دون التذكير بمثل هذه المعاني والالتزام بها واقعاً، ولا معنى لاحتفالاتنا دون العودة إلى الالتزام بكتاب ربنا وسنة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم، دون
إظهار الحق وإبطال الباطل، دون إصلاح ذات البين وإزالة الفساد والمفسدين ودحر الطغاة المستبدين، دون التكافل الاجتماعي ونشر المحبة والتعايش والقبول بالآخر، في مولدك يا رسول الله نتطلع للتغيير نرنو لعهد مشرق ٍ من جديد، و لن يتأتى هذا ما لم نحقق قوله تعالى فينا (إن الله
لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم(
ومضة
أنى مشيتُ رأيتُ وجهَك باسماً.. أنى تلوتُ سمعتُ صوتَكَ ينطقُ.
بمسامعي..بجوانحي.. بعواطفي.. ألقاك َ حولي رحمةً تتسامق ُ
ألقاك َ حولي أينما اجتَزتَ المدى.. وأشمُ عطرَكَ رحمة تتَدَفَقُ
ياسيدي هذي الدموع سكبتها.. وأعزُ منها عند بابك يُهرَق
فامنُن علي برؤيةٍ ألقى بها.. ربَّ البرية ِ في القيامة تنطقُ
غالب السميعي
مولد أمة .... 1452