مدخل :
أن تأتِ متأخراً خيرٌ من أن لا تأتِ .. كنت قد جهزت هذا الموضوع حتى أتمكن من نشره قبل يومين إلا أن ظروف سفري حالت دون ذلك.. نمر هذه الأيام بذكرى غالية جداً ومهمة غيرت مجرى التأريخ وهي ذكرى مولد أشرف خلق الله نبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم .. هذه الذكرى تعلمنا كيف نحيي سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم ونجسد أخلاقه وتعاملاته مع الناس حتى ( الأعداء ) .. هي بمثابة تجديد لكل ما نسيناه أو تناسيناه من صفات النبي صلى الله عليه وسلم والتوضيح للناس كيف كان حنوناً وكريماً ويحمل كل الصفات الحميدة وكل ما هو جميل.. لا يخفى على أحد بأن هناك من الناس من يحتفل بهذه الذكرى كلاً على طريقته , إنما هذا العام وخاصة في وطننا الحبيب شهدنا احتفالاً من نوع جديد ولأول مرة, حيث تناقضت تبعات هذا الاحتفال مع ما كان يدعو له وينتهجه ( صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ) بل إنها تتناقض مع دعوات المحتفلين أنفسهم ..
طلقات نارية وقطع بعض الطرقات واستفزاز للبعض وكأن النبي صلى الله عليه وسلم ( حصري ) على من احتفلوا بميلاده في ذلكم اليوم .. صرخات وهتافات وضجيج ( مزعج ) وإرغام البعض على أن يفعل ما لا يحب, كالإجبار على المشاركة وأخذ اشتراكات لإنجاح الحفل وغير ذلك .. إقلاق للسكينة وتخويف ملحوظ ( يترى ) ويتتابع بسبب ( خروج ) الاحتفال عن المألوف .. يا هؤلاء بالله عليكم كيف تريدون من الناس المشاركة في الحفل وهذه هي الأعمال التي ينتهجها - بعضكم - لا نعلم تحت أي مبرر أو مقصد؟ .. يا هؤلاء كيف لنا أن نعمم أخلاق الرسول ونوصلها للناس بهذا الشكل المصاحب للقلق والخوف؟ .. كيف لنا أن لا نستحي وبعضنا يرغم أصحاب المحلات وغيرهم على أشياء لا يوافقها شرع الله وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم ؟ تساؤلات ليست من باب أي مماحكات أو كراهيات أو أحقاد , إنما نبعث بها من قلب محب للرسول صلى الله عليه وسلم ويرى في هذه الأعمال الإساءة له ولمن ساروا على نهجه أكثر مما هو تخليد لذكراه العطرة .. لَكَم نحب الرسول ولَكَم نعشق أن نفرح بيوم مولده لكن ليس بهذه الطرق التي تجعل بعض المرجفين من أعداء الدين يستغلونها لتقديم دين محمد صلى الله عليه وسلم بصورة مشوهة, فيتهمونه بالإرهاب تارة وبالجهل تارة أخرى ..
لنحتفل بمولده بإحياء سنته والعمل بما أمرنا به والابتعاد عما نهانا عنه والحديث عن المحاسن التي لم تفارق سيد الخلق, وإذا كان لا بد من الاحتفال كما يرى البعض فمن حق أي أحد أن يحتفل لكن ليس بالطرق العبثية والمسيئة التي تنفّر الناس أكثر مما تجمعهم, فرسول الله هو رسول الخير والعلم وهو رسول السلم والصفح وهو باختصار رسول الحب لعالمين.. أجمعين والله من وراء القصد .
صدام الحريبي
رسول الحب .. 1668