منذ الزمـن البعيــد يعيش الكثير من اليمنيين في المهجـر, فترعرعوا هناك مع الآباء والأجداد القدامى وتمكنوا من الوصول إلى جميع دول العالم من أقصاه إلى أقصـاه للبحث عن وظائف بسيطة ومصدر رزق محدود بعدما حرمتهم بلادهـم من وظائفهـم التي ينتظرونها منذ عشـرات السنين ّ!!..
ونظراً للوضع الراهن وتدهور الاقتصاد في البلد تمكن الجوع والفقر والبطالة من الدخـول إلينا بسـلام, فهرول الملايين من الشعب إلى الدول المجاورة وغيرها بحثاً عن مصادر أرزاقهم, منهم من عبَر الحدود بطريقة قانونية ليلحق بإخوانه السبّاقين إلى أرض المهجر وآخرون تسللوا إلى مقصدهم عن طريق التهريب, منهم من نجا ومنهم لم يتمكنوا من الوصول, فكان الموت والاعتقال أقرب إليهم بعد المعاناة في وعثاء السـفر..
وزير المغتربين اليمنيين همومه على وزارته لا يساوي هموم مغترب يمني واحد يعاني من الحصول على مبلغ مالي فرضه الكفيل عليه لتجديد رخصة إقامته أو جـواز السفر في تلك الدولة التي يقطن فيها .. فكم من الحناجر تذوقت مرارة العذاب وكم قلوب اكتوت بنار السفارات في الخارج!.. أين هي الرعاية يا معالي الوزير لإخوانك الملايين في المهجر ؟ وبالأصح أبناؤك وآباؤك كبار السن الذين تدمع لهم العيون ولم يسمح لهم الوطن بالبقاء بعدما أعلنت صفارة الإنذار بالجوع والفقر والبطالة في أرض السعيدة نتيجةً لانتشار الفســـاد الذي غلب الوطن بقوته وصلابته التي لا تُقهـــــر؟!. متى يعـود الغائب الذي رحل منذ عشرات السنين إلى وطنه ؟ وكم هو عدد المواطنين الذين رحلوا ولم يعودوا إلى اليوم ؟ وما هو الإنجاز الذي حققته الحكومة لتلك الطيور المهاجرة ؟.. فالمغتربون اليمنيون كمن يعيش بين جحيمين: جحيم الداخل وجحيم الخارج وكلٌ له حكايات لا تنتهي!.. فقيادة وزارة شؤون المغتربين تؤكد بأنها تعمل ما في وسعها ووفق الإمكانات المتاحة لها في قضايا المغتربين وحل مشاكلهـم, سرعان ما يشبّهونها بالمريض الذي يلجأ للدكتور بعد أن تكون حالته قد استفحلت وربما يصعب مداواتها فيلجئون إلى الوزارة بعد مشوار طويل, فتجد الوزارة محصورة أمام حلول ضيقة لا ترضي المغترب نفسه!!
هكذا هو حال الطائر المهاجر يفارق وطنه إلى وطن آخر ولم يتمكن من العودة إلى بلده ليعيش حياة كريمة, فإمّا أن يعود سالماً معافى إلى أهلـه وأحبته وإمّا أن يواصل غربته رغم آلام الغربة إلى مالا نهـاية.. نسأل المولى جل في علاه أن يصلح أحوال هذا الوطن .
خليف بجاش الخليدي
المغترب اليمني بين عذاب الداخل وجحيم الخارج 2239