من وسط ضجيج الحياة بكل أحداثها وتفاصيلها المختلفة تخرج مأساة مؤلمة تفرض علينا جميعا الوقوف أمامها بحزم و بعيدا عن انتماءاتنا الحزبية و المذهبية والطائفية و المناطقية لان الخلاف حولها لا يجوز مطلقا لآنها مأساة تهز الضمائر وتكسر النفوس وتدمى القلوب . لا تفرق بين صغير ولا كبير ولا غني و فقير ولا حاكم و محكوم ..انه كابوس يهدد كل بيت ويدخل اليه في حين غفلة فتجعله في حزن دائم لاسيما اذا كان هذا البيت يعانى من الفقر والفاقة وقلة ما في اليد . لآنه داء قاتل ومرض خبيث يسمى السرطان وما ادراك ما السرطان ,
السرطان من أسباب الوفاة الرئيسية في جميع أنحاء العالم. وتشير تقديرات منظمة الصحة العالمية إلى أنّ هذا المرض سيودي بحياة 84 مليون نسمة في الحقبة بين عامي 2005 و2015 إذ لم تُتخذ أيّة إجراءات للحيلولة دون ذلك.
في الرابع من فبراير من كل عام يحتفى العالم باليوم العالمي لمكافحة السرطان كتظاهرة سنوية ينظمها الاتحاد الدولي لمكافحة السرطان لرفع الوعي العالمي من مخاطر مرض السرطان، وذلك عبر الوقاية وطرق الكشف المبكر للمرض والعلاج. ويعتبر مرض السرطان أكبر المشكلات الصحية التي تواجه العالم، كما يعتبر أهم أسباب الوفاة على الصعيد العالمي..
.بلادنا اليمن كغيرها من بلدان العالم اكتوت بنار هذا الداء , فالإحصائيات تقول ان اكثر من عشرين الف موطن يصابون به سنويا . هذه الاحصائيات المخيفة دفعت عددا من الخيريين من أبناء هذا الوطن يبادرون الى تأسيس مؤسسة خيرية متخصصة بمكافحة السرطان و الحد من انتشاره وتقديم الرعاية الطيبة والدعم المعنوي والمادي لمن ابتلاءهم الله وهى المؤسسة الوطنية لمكافحة السرطان .
هذه المؤسسة وان كانت ليست هي الوحيدة العاملة بهذا المجال غير انها الاكثر انتشارا وتأثيرا من خلال جهودها التي تقوم بها في معظم محافظات الجمهورية فقد قامت هذا المؤسسة بإنشاء مراكز وحدات متخصصة لعلاج الأورام السرطانية منها مركز الأمل لعلاج الأوام في مدينة تعز الذى صار اليوم بحمد الله يقدم خدماته للمرضى ويخفف عنهم عناء السفر إلى خارج المحافظة .
هذه المؤسسة وإضافة إلى المؤسسات الأخرى العاملة في هذا المجال هي بحاجة اليوم منا جميعا إلى الوقوف معها وتقديم الدعم المادي والمعنوي لها حتى تسطيع مواصلة رسالتها الإنسانية ,فمكافحة السرطان و الحد من انتشاره وتقديم الرعاية الطبية لمن ابتلاءهم الله به لا يمكن ان تقوم به جهة مهما كانت امكانياتها بل هو بحاجة إلى شراكة مجتمعية تتضافر فيه كل الجهود الرسمية الشعبية , فالخلاف في كل شيء يمكن أن نجد له مبرراً إلا في هذه المأساة , فالخلاف من وجهة نظري لا يجوز لأنها تهدد حياتنا جميعا ..
نتمنى من كل الخيرين و المؤسسات الإعلامية ومنظمات المجتمع المدني التفاعل الجاد مع هذه القضية الإنسانية من خلال إحياء اليوم العالمي لمكافحة السرطان وجعل مأساة مريض السرطان قضية مجتمعية ,حتى يشعر هؤلاء المرضى أن المجتمع معهم و لن ينساهم .
إنها دعوة للتراحم والتعاطف والتكاتف مع أولئك الذين سلبت البسمة من شفاهم ونزعت الفرحة من قلوبهم واعتلت محياهم كآبة الحزن عندما علموا بإصابتهم بمرض السرطان , إنها دعوة لإحياء الأنفس ( من أحياها فكأنما أحياء الناس جميعا ) إنها دعوة لزرع البسمة وإدخال السرور.. قال الرسول-صلى الله عليه وسلم- ( من ادخل السرور على أهل بيت لم يجد له جزاء إلا الجنة )..
تيسير السامعى
السرطان المأساة التي لا يجوز الخلاف فيها 1645