بعد سقوط زعماء أنظمة الاستبداد والظلم في دول الربيع العربي ذهبت الأنظمة الحاكمة إلى صدمة وصل بهم الحال إلى الدخول في غيبوبة خلال الثورات وما إن بدأت المرحلة الانتقالية وطالت نوعاً ما استفاقت تلك الأنظمة من هول الصدمات لتقوم بترتيب أرواقها وإعادة تنظيم صفوفها والبحث عن وسائل وأدوات جديدة لمقاومة عملية التغيير الحاصل في بلدانهم تحت مسميات ولافتات ثورية بتحالف وثيق مع مكونات داخلية وخارجية لإفشال الإدارات الجديدة التي أفرزتها الثورات بحجة عجزها عن إدارة بلدانهم وعدم القدرة على تحقيق متطلبات شعوبها رغم قصر المدة التي حكموها فبدأ هنا الكر والفر بينهما على الرغم من بذل جهود كبيرة وجبارة من قبل أنظمة الثورات لتقديم عدد كبير من التنازلات لتسير عجلة التغيير من خلال الحوار وإشراك الجميع في عملية البناء لما تتبناه من مشاريع نهضويه عملاقة تحقق البناء والتنمية والرخاء والاستقرار لشعوبهم وبمشاركة الجميع فلاقت مقاومة شرسة من أولئك الذين خسروا وسوف يخسرون مصالحهم ليبدءوا مرحلة عرقلة هذه الأنظمة لعدة أسباب منها على سبيل المثال لا الحصر :ـ
1. 1)نجاح الثورات في إسقاط رؤوس الأنظمة واستمراريتها في إسقاط ما تبقى من أزلام تلك الأنظمة ومحاكمتهم واسترداد ما نهبوه من خيرات شعوبهم
2. الأموال المنهوبة التي تقدر بمئات المليارات من قبل رموز وأتباع الأنظمة الساقطة مما يساعد في تمويل هذه الأعمال التخريبية.
3. تحالف بعض المكونات المحسوبة على الثورات مع بقايا هذه الأنظمة الساقطة وتوسيع الخلافات بين مكونات الثورات في تلك البلدان بعد فشلها في الانتخابات لتحقيق مطالب مادية وسياسية تحت حجة توسعة المشاركة وحقوق الإنسان وحقوق الأقليات.
4. وجود الدعم الكبير من عدة دول إقليمية ودولية وبعض الدول الخليجية لعرقلة هذه الأنظمة بعد ظهورها وبروز دور كبير لها في الجانب السياسي وخاصةً مصر.
5. ظهور أنظمة ذات طابع إسلامي معتدل تحمل مشروعاً وطنياً ونهضوياً بعد الثورات وتتمتع بقاعدة شعبية كبيرة، مما أثار حفيظة هؤلاء عليهم لعرقلة التغيير الهدف منه التمهيد للمشاريع الاحتلالية وتوسعها في المنطقة.
6. الصراع الدولي والإقليمي على المنطقة العربية والإسلامية لتحقيق مشاريع الهيمنة على هذه الأنظمة ولي ذراعها لتكون تابعة لها وتحقق لها مصالح أكبر مما كانت عليه قبل الثورات.
7. تبني هذه الدول للقضايا العربية والإسلامية بقوة كقضية فلسطين وسوريا مما أثار حفيظة الأعداء عليهم والتخطيط لإرباكهم.
8. تواجد بعض هذه الدول في مواقع وممرات دولية هامة وذات مواقع استراتيجية مما قد يؤثر على بعض مصالح دول لأن استغلالها من قبل هذه الأنظمة قد يعود عليها بالربح الكبير وإنعاش اقتصادها وتعزيز مكانتها الدولية والإقليمية.
9. استغلال حاجة هذه الدول للمساعدات المالية لتقديم بعض التنازلات مما سبب لها تدخلاً خارجياً في رسم ملامح بعض هذه الدول ومساعدة الثورات المضادة كما يحدث في تونس واليمن.
10. ابتزاز بعض الدول العربية الغنية بالثروات وتهديدها بمصير أخواتها من أجل الحصول على خيراتها بأبخس الأثمان.
11. الخوف على المشروع الصهيو أمريكي والمشروع الإيراني من بزوغ المشروع الإسلامي الجديد بتحالف الدول الكبيرة في المنطقة كالسعودية ومصر وتركيا وأندونيسيا وماليزيا وبقية الدول الإسلامية والعربية للحفاظ على بلدانهم وقدراتهم.
12. توسيع دائرة العنف في الشرق الأوسط من أجل بيع السلاح في أماكن التوترات الهدف منه تغطية العجز المالي لدى هذه الدول التي تعاني من أزمات مالية واستغلال الإنفلات الأمني داخل هذه الدول.
فكري عبداللطيف الشرماني
الثورات المضادة في دول الربيع العربي (2) 1687