عندما يتوقف المثقف عن تقديم الأسئلة وإثارة التساؤلات لا يعود مثقفا ويفقد كل مبررات وجوده ، وعندما يتوقف السياسي ورجل الدولة عن تقديم الاجوبة أمام الجمهور حول اداءاته وتقديم الشروحات حول مهامه المنوطة به كمسؤول لا يعود سياسيا ولا مسؤولاً ويفقد كل مبررات وجوده.
الفرق بين المثقف والسياسي أن طبيعة تكوين الأول تجعل مهمته طرح الأسئلة وابتكار التساؤلات ، أما الثاني فطبيعة تكوينه ووظيفته تحتم عليه تقديم الأجوبة والرد على التساؤلات والاستجابة للتطلعات.
ومحمد سالم باسندوه عندما ظهر في الجزيرة ظهر باعتباره سياسياً ورئيساً للحكومة المفترض أن مهمتها إدارة شئون البلد وقضايا الناس اليومية وأمنهم ومعيشتهم وتعليمهم واقتصادهم ومتطلباتهم.
باسندوه هنا على كرسي الحكومة وعلى شاشة الجزيرة يقدم نفسه كسياسي وليس مثقفا مهمته التأملات والتساؤلات و" الصراحة " الفاضحة للذات وضعفها وخوائها.
هذا الوضع الافتراضي المتوقع أن يحاسب على أساسه سواء في أداءه كرئيس حكومة أو في مقابلاته وخطاباته ونشاطه الإعلامي.
غير أن السياسي المخضرم الذي مضى عليه عقودا في السياسة ومواقع الإدارة العامة ظهر معاكسا لكل ما يفترض أن يكون لديه من خبرة وسياسة ونسي موقعه ووظيفته ومهامه.
في الوقت الذي عم التفاؤل الشارع اليمني بقرار مجلس الأمن الذي دشن طريقة أخرى للتعامل مع بداية السنة الثانية للمرحلة الانتقالية ، طريقة لا مجال فيها "للصفاط" والمماطلة بل للحسم ومواجهة المعرقلين وإنجاز المهام ، في هذا التوقيت بالذات ذهب " السياسي المزمن " ليحبطنا على الجزيرة مباشرة و" يفعلها " أمام خلق الله والملأ والناس أجمعين : انه لا يدري ، ولا يعرف ، ولا يأمر ، ولا يدير ، ولا يطلع ، ..... ولا ينتبه حتى أن كل هذه " العدامة " تحيطه بعلامات الاستفهام وتدينه أكثر من كونها مخرجا لضعف أداءه إذا تصور أنها كذلك.
على جميع الأطراف أن تتحرك وفي مقدمتها الرئيس. وإذا كان من غير الممكن تغيير الحكومة لأسباب متعددة ومعقدة ، فعلى الأقل تلافوا الوضع بتعيين نائب أو نائبين للأستاذ محمد سالم باسندوه الذي كان شجاعا ووطنيا في قبوله رئاسة الحكومة في ظرف استثنائي غير مسبوق ، وليس من اللياقة والحكمة أن يترك وحده مع وصول المرحلة الانتقالية إلى الجولة الأخيرة في سباق نقل السلطة والتأسيس للدولة الجديدة.
من يحترم باسندوه يبتكر المخارج لمؤازرته .. لا أن يدافع عن انهياره ويبقى متفرجاً عليه.
مصطفى راجح
باسندوة سياسي وليس مثقفاً !! 1695