علينا أن نفرق بين الحزبية والعمالة ضد الوطن، فمشاريع الأحزاب هي تنافسية لخدمة الوطن، ومن يقدم المشروع الأفضل وينفذه على الواقع بما يفيد الشعب من خلاله ينال ثقة الجماهير، ويظل الواقع والميدان الرقيب المستمر لأداء هذه الأحزاب، فمن ينال الثقة اليوم قد يخسرها غداً إذا انتكس أداؤه في خدمة المجتمع ولم يحقق الوعود التي على ضوئها نال ثقة الناخبين، فالأحزاب ليست ديناً يعبد ولكنها خادماً للشعب، فإذا أساء هذا الخادم أو قصر في مهمته استأجر الشعب أجيراً آخر، وبهذا يكون التنافس الحقيقي بين الأحزاب في خدمة الشعب وتحقيق طموحه بتوفير الحياة الكريمة والأمن والاستقرار والتنمية.. هذا ما يجب أن يكون عليه التنافس الحزبي والذي يجب أن نرسخه كثمرة من ثمار الثورات الشعبية العربية ونجذر الوعي الجماهيري بهذا الفهم، ليكون الشعب هو الحارس الأمين له خلافا لما عانيناه من قبل حتى لا تذهب تضحيات هذه الشعوب هدراً..
أما العمالة فهي ارتهان للأجنبي ضد الوطن مقابل مصالح شخصية مهما يكن حجم هذه المصالح فإنها ثمن بخس وحقير مقابل بيع الضمير وخيانة الوطن، فالعمالة لا يرتضيها أي إنسان سوي العقل والإدراك والضمير مهما كانت حالته وظروفه ومعيشته ومهما كان دينه، لأن حب الأوطان فطري في الإنسان، فما بالك ومن يبيعون وطنهم عندنا مسلمو الآباء والأمهات وممن يملكون ثروات كبيرة، فما سبب هذا الشذوذ والانحراف؟..
وعلينا في المقابل أن نفرق بين حقوق الوطن وطاعة الحزب، فعندما تتعارض حقوق الوطن مع أوامر الحزب فيجب على كل وطني غيور أن يقدم مصلحة الوطن على مصلحة الحزب دون تردد أو تفكير أو حيرة، فالوطن أكبر من كل الأحزاب وأي أمر من الحزب يتعارض مع مصلحة الوطن يكون في عداد الأمر بمعصية ينطبق عليه قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق)، أما إذا قدمنا مصلحة الحزب على مصلحة الوطن فالموضوع لن يختلف عن مفهوم العمالة التي ذكرناها آنفا، بل إنها شعبة من شعب العمالة التي كلها ملة واحدة.
اللهم اخلص نياتنا واجعل أعمالنا خالصة فيما يرضيك وينفع عبادك.
*عضو مجلس النواب
محمد مقبل الحميري
الفرق بين الحزبية والعمالة وحق الوطن 1774