عامان هي عمر ثورة 11 فبراير المجيدة، عامان من شموخ وبهاء, ذلك الفجر الذي صنعه أولئك الشباب الذين صمدوا بالساحات والميادين، أولئك الشهداء الذين ضحوا بدمائهم من اجل هذا الوطن الغالي.. ومن أجل هذا اليوم العظيم الذي صنعناه بأيدينا, وخطينا أنواره من يمن الشموخ والعز منبع الحضارات ورائدة التغيير السلمي, تلك الثورة التي انطلقت على أيدي الشباب الأبطال الذين تحدوا الموت, واعتصموا بأكفانهم التي في أيديهم, وصرخوا فوصلت صرخاتهم إلى آفاق الأرض وعنان السماء ليتناغم ويتجاوب معها القاصي والداني في مشارق الأرض ومغاربها, من ساحات وميادين الحرية كانت الانطلاقة, ومنها كانت الضربة القاضية, والقاصمة التي قصمت ظهر الدكتاتور المستبد الذي حاول بكل قوته أن تظل قرية مخفية عن الكون, مهمشة لا دور لها, حزينة كئيبة, تعيش في مقبرة الفقر والجهل والمرض والبطالة وتردي الخدمات العامة, مدفونة بين إخطبوط الفساد الممتدة أياديه في كل مرفق ومؤسسة, تحية إجلال وإكبار لأولئك الأبطال الشامخين الذين صمدوا أمام آلة القمع الهمجية التي أذاقت شبابنا كافة أنواع التنكيل من ملاحقات واعتقالات واعتداءات بالرصاص الحي والاربيجي والقنابل والقصف المدفعي، تصدوا لها بصدورهم العارية وغيرها من الممارسات الوحشية من قبل صالح وبلاطجته وغيرهم من المشاركين في تشجيع قوات الجيش العائلي ومساندته أكثر في سياسته وشراسته ودمويته, بحق الشباب المعتصم سلمياً وبحق الشعب الذي التحق بساحات الثورة أعزل رغم سلاحه الغزير.
أيها اليمنيون لقد أدهشتم وأذهلتم العالم بثورتكم وسلميتكم وحكمتكم وأزحتم الظلم والظلام بأقل التكاليف.
تحية أرسلها إليكم بل وأقبل التراب الذي تمشون عليه، لأنكم انتزعتم حقوقنا، بل لأنكم دعاة حرية دعاة سلام وحب ووئام.
لكن ثورة اليمن لم تكن كباقي ثورات الربيع العربي وتميزت بأشياء كثيرة افتقدت إليها تلك الثورات، في تونس ومصر وليبيا وسوريا لا يوجد معارضة سياسية قوية كما هو موجود في اليمن، وإن وجدت في بعض تلك الدول فهي تعاني من الملاحقة والكبت، معارضة اليمن انفردت وانتصرت لصالحها أولاً من خلال إعلان تكتل اللقاء المشترك وهذه خطوة تاريخية وهامة في علاقة الأحزاب السياسية المعارضة فيما بينها، وهذه الخطوة هي التي مثلت ضربة قوية في جسد النظام وكانت خطوة سابقة للثورة، إضافة إلى أن ثورة اليمن أسندت من قوى ذات نفوذ كبير سواء نفوذ مالي أو اجتماعي وأسندت بقوى عسكرية ساهمت هذه القوى بالعمل على خلخلة القوات العسكرية التي كانت تحت سيطرة نظام الرئيس السابق آنذاك.
أخيراً.. ثورة اليمن تحققت وعجلة التغيير دارت وإن كانت بطيئة نوعاً ما في بعض الجوانب، لكن المؤكد أنها لن تعود للوراء أو تتوقف، كل ما في الأمر أن ثورة اليمن تدفع ضريبة التغيير وهذه ضرورية، لأن التغيير الناعم كان يتحول سريعاً إلى سلطة مهلكة وطاغية، ثورة اليمن أنجزت ولن يسرقها احد، وتسويق مصطلح سرقة الثورة هو مصطلح تستخدمه بقايا النظام وتحاول أن تصل من خلاله إلى ما يرضي بعض أطرافها.
إنها لمناسبة عظيمة تخلد وتكتب بدماء شهدائنا الأطهار، إنها يوم من التاريخ العظيم الذي صنعناه بأيدينا، يوم صناعة يمن الحكمة يمن العدل والمساواة، يمن الحرية والكرامة.. فهنياً لكم أيها اليمنيون عيدكم، هنيئاً لكم حريتكم التي انتزعتموها بعد أن مضت عقود من الكبت والاستعباد.. هنيئاً لكم أعيادكم.
سليمان دبوان
11فبراير المجيد 1733