بداية لا بد أن نؤكد أننا قد امتزنا نحن اليمانيين عن غيرنا بسلوك طريق خاص بنا للسير فيها لنحُلّ مشاكلنا ونلملم شملنا ونجمع فرقتنا ونبني دولة مدنية حديثة، ذلك الطريق الذي اخترناه لنوحد خطانا فيه ونحل مشاكل الماضي التعيس الذي ورثناه ذلك هو مؤتمر الحوار الوطني الذي اتُّفِقَ عليه ضمن المبادرة الخليجية برعاية دول الخليج والمجتمع الدولي، فليس من مصلحة أبناء اليمن وشعبه أن يظل الجميع متفرقين متشتتين متباغضين متناحرين يرفع بعضهم السلاح في وجه البعض الآخر فيكون القاتل والمقتول منهم في النار ..
فكل عاقل يدرك تماماً انه لا بديل عن الحوار سوى الاقتتال والدمار والخراب والضياع ولا نعتقد أن إنساناً يملك عقلاً وإحساساً وإدراكاً وفهماً ومنطقاً يفضل الحرب على السلم والدمار على البناء والعداوة على الأخوة والشتات على الاجتماع وهنا يجب أن ندرك أن على الجميع أن يفضلوا مصلحة الوطن على المصالح الشخصية ولا بد أن توضع جميع المشاكل على طاولة واحدة أمام المتحاورين لتُنَاقَشَ وتُحل ويُنصف المظلوم ويزول الضرر فيخرج المتحاورون برسائل إيجابية حاسمة يلمسها كل مواطن بما في ذلك رجل الشارع البسيط الذي يعيش ظروفا اقتصاديا سيئة ومعيشة قاسية يدركها الكثير من أبناء الوطن، فالحوار كفيل بإيجاد حلول للخروج من الأزمة التي تواجه الوطن وصولاً إلى وقف العنف ونشر التهدئة بين أوساط اليمنيين ومد جسور التواصل بين مختلف التيارات السياسية والقوى الوطنية الفاعلة وتفعيل كل الجهود الممكنة للعبور بالمرحلة الحالية إلى الاستقرار والتنمية في مختلف المجالات ونزع فتيل التوتر ورأب الصدع فَيُصبح الجميع إخوة متحابين.. فالحوار الوطني يهدف إلى تقارب وجهات النظر وتقريب الهوة بين أبناء الوطن الواحد فينتج عن ذلك الاحترام المتبادل بين الأفراد والجماعات ويتقبل كل منهما رأي الآخر وذلك ما يقوي اللحمة الوطنية وينمي روحها ويوجد التسامح والصداقة القوية والمحبة وحل جميع القضايا وفق مبادئ الاحترام والأخوة، كما أن الحوار يعني المصالحة الأخوية بالتراضي والوفاق. ولما كنُّا الآن في طريقنا لتحقيق أهدافنا ومنها التداول السلمي للسلطة في اليمن الموحد فلا مجال لارتكاب الأخطاء المستمرة المؤثرة نتيجة التعبئة الخاطئة المغلوطة سواء كان مصدرها من الداخل أو الخارج، لأن عملية التغير والتحول مستمرة في المضي إلى الأمام بدعم محلي وإقليمي ودولي فليكن الجميع ضد الانفصال سراً وعلانية ومع شكل الوحدة التي يتفق عليها الجميع وحتى يُكتَب لليمن مزيدٌ من التقدم والازدهار، فعلى الجميع الدفع بالقوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني وغيرهما إلى الحوار البناء، لاسيما وأن اليمن في هذه المرحلة الحساسة على المحك!، فالشعب لا بد أن يتماسك مع بعضه وتتوحد الصفوف وتتكاثف الجهود وتمتد الأيدي إلى بعضها من أجل السلام والوئام والحفاظ على الوطن الواحد ومنع الانزلاق نحو المجهول!، فالحوار مع الغير معناه الاعتراف به وبقضيته وبمتطلّباته.
ولأن أكثرية الشعب اليمني لا تعي الحوار الوطني فقد تم إطلاق حملة واسعة لتوعية الناس عبر الوسائل المختلفة ومنها المنتديات والمراكز الثقافية وشبكات التواصل الاجتماعي الفيسبوك والتويتر واليوتيوب ولذا فالتوعية بالحوار واجب الجميع شباباً ومثقفين وسياسيين رجالاً ونساء، لأن المؤتمر سيوصل اليمن إلى بر الأمان وسيتولى حل العديد من القضايا والمشاكل وعلى رأسها القضية الجنوبية والحوثيين في صعدة ودور الجيش في الحياة السياسية لليمن الجديد والإصلاح الاقتصادي وحقوق الإنسان والعدالة الانتقالية وقضايا البيئة والتنمية الاجتماعية وستدخل حقوق المرأة ضمن أولويات المؤتمر وتحتل مساحة كبيرة منها.
ويأمل الجميع أن لا تطول مدة المؤتمر المحددة له وهي ستة أشهر بسبب المبلغ اليومي المستحق لكل مشارك من أعضائه وهو (100) دولار امريكي في اليوم، إضافة إلى(80) دولار إذا كان الاجتماع خارج المنطقة، لاسيما وأن المؤتمر سينعقد في ست محافظات داخل اليمن وهي صنعاء وعدن وتعز والحديدة وحضرموت وصعدة ومن المحتمل انعقاده خارج اليمن ليضم معارضة الخارج، ولما كان قوام عدد المشاركين (565) عضواً وبتكلفة (30) مليون دولار فكل ما يأمله الشعب من المشاركين هو التوافق لا الاختلاف والتنافر.. فإلى حوار بناء وناجح بإذن الله تعالى.
أحمد محمد نعمان
الحِوَارُ ..هَدَفُ الأحْرَارِ وَسِرُّ الإنْتِصَار!! 1317