ANOMANLAWYER1@GMAIL.COM
في كل بلدان العالم يُحتَرمُ الإنسانُ وتُحترمُ حقوقه بشكل عام كما يُحترمُ القضاة وأعضاء النيابة والمحامون ويُنظرُ إليهم نظرة إجلال وإكبار وإعظام من قبل الدولة والشعب ليس لأشخاصهم فحسب بل لأنهم خلفاء الله في أرضه فهم من يحمون الحقوق ويصونون الكرامات ويدافعون عن الأنفس ويأخذون للمظلوم حقه ممن ظلمه ويحمون الأعراض لكن في بلد كاليمن لا شيء من ذلك فالثقافة البائدة لدى الجيش والأمن التي ورثوها من النظام السابق لعقود من الزمن هي ثقافة التجهيل والتهميش وإضاعة الحقوق والاعتداء على الحريات وعلى الرغم من قيام ثورة الشباب السليمة التي أطاحت بالرئيس السابق (علي صالح) إلا أنه وللأسف الشديد ما زال الجهل يعشعش والبقايا يفسدون وقد يكون ذلك راجعاً لسبب أو لآخر، منها عدم استكمال هيكلة الجيش والأمن وعدم إزاحة بقايا الأقارب والأصهار والموالين من قيادة الجيش والأمن فخلال العقود الماضية ظل معظم ضباط وأفراد الجيش والأمن المكلفين بنقاط التفتيش بين المحافظات مثقفين على الولاء والطاعة (للقائد الرئيس الزعيم المعظم وللفرد والأسرة) وظل الوضع على هذا المنوال حتى أسقطه الشعب، لكنه ورَّث تركة سيئة للغاية، ومن ذلك أن بعض ضباط وأفراد النقاط لا يعرفون من هو القاضي ولا عضو النيابة ولا المحامي ولا ما هي الحصانة القضائية ولم يأخذوا دورات تثقيفية بذلك فيقوم بعضهم باستيقاف رجال العدالة ويعرقلون سيرهم ويقومون بتفتيشهم وربما بالاعتداء على بعضهم وتوجيه الأسلحة نحوهم ويتعرضون لألفاظ السب والإهانة كما حدث للقاضي العلامة (أنور العولقي) ـ قاضي محكمة (غرب إب) ـ الجمعة والسبت الماضيين من قبل أفراد نقطه تفتيش ما كان يسمى بالحرس الجهوري الذي كان يتبع نجل الرئيس السابق حيث قام أفراد النقطة التي تقع في منطقه مشورة خط (إب العدين) وبالقرب من مدينة إب باستيقافه ومعه عائلته بحجة أنه يحمل مسدساً فلم تشفع له وظيفته كقاض ولا حصانته القضائية ولا لان معه عائلته ومفروض احترامه وعدم عرقلته بل قاموا بأخذ بطاقته المحصنة وقالوا له (لو أنت اكبر قاضي لتُسحب) واستوقفوه لمدة تصل من (10 إلى 15) دقيقة ثم أخلي سبيله مع عائلته وأعادوا له بطاقته بعد تواصله مع آخرين بَيْدَ أنه في اليوم الثاني توسط الرائد احمد الخطيب ـ مدير مكتب قائد الشرطة العسكرية في (إب) ـ وللشرطة العسكرية احترامها لأخلاقها الكريمة فقال للقاضي طالما وأنت تمر كل أسبوع على النقطة سوف أصلح بينك وبين أفرادها.
وعند وصولهما يروي لنا القاضي فاجعة مخيفة جداً حيث قال ( توجه الأفراد نحوي بأسلحتهم قائلين لأصحابهم هلموا ذلك هو الشخص الذي قال إنه بالأمس قاضي ) ولم يكن أمام القاضي إلا أن فرّ من بين أيديهم خوفاً على نفسه من الموت الذي اعتبره شبه محقق لو ظل باقياً في مكانه علماً بأنه توجد بالقرب من هذه النقطة نقطة أمنية تتبع الداخلية وهي المختصة بالتفتيش أما ما كان يسمى بالحرس الجمهوري سابقاً فلم يكن من اختصاصهم البقاء داخل المدن، حيث أن ما كان يسمى بالحرس الجمهوري قد أصبح تابع للقوات البرية التي تحمي الحدود وغيرها من الأماكن المحددة لها ولم تكن هذه النقاط العسكرية في (إب) وحدها بل في معظم محافظات الجمهورية.
فكم قد تم الاعتداء سابقاً على قضاة وأعضاء نيابة ومحامين وعلماء ولو أن الذي يمر شيخ وربما لا يفقه شيئاً إلا أنه يتبع بقايا النظام السابق أو من الموالين لهم أو من النافذين والمخربين وربما القتلة فليمروا بما شاءوا على سيارتهم من مرافقين ورشاشات وأسلحة خفيفة وثقيلة فلا يُساءل ولا يُعرقل ولا يُفتش ويكون الرد من بعض الأفراد والضباط تفضلوا ياشيخ لكن رجال القانون الذين يخدمون العدالة لو كان مع احدهم سلاح شخصي فردي ومن حقهم ذلك لأنهم معرضون للاعتداءات بسبب عملهم وتحقيق العدالة يتم عرقلتهم والاعتداء عليهم.
وهذا القاضي العلامة/ محمد الماطري ـ عضو الشعبة المدنية بمحكمة استئناف محافظة (إب) ـ تتعرض سيارته لحادث مروري في إطار محافظة ذمار على الخط الرئيسي صنعاء تعز وعلى الرغم من تسبب غيره في الحادث وعدم علاقته به لا من قريب ولا من بعيد ولأن بعض المختصين في مرور ذمار غير جديرين في إجراءات جمع الاستدلالات وجمع الأدلة ورفع تقارير الخبرة وعدم تحليهم بالصدق والأمانة فقد تحول القاضي البريء إلى مدان وإلى تحمِّل وزر غيره بدون ذنب وغيره مثله.
أما ما حدث للمحامي الشهيد (حسين الدولة) فحدث عن ذلك ولا حرج فقد قُتل في غرفته وداخل شقته وأين ذلك؟ في العاصمة صنعاء وحتى الآن لم تكشف السلطات عن الجناة وهكذا حقوق الإنسان تنتهك ولا يحترم القانون ولو طبق لعاش الناس سواسية في أمن وأمان فالمجتمع اليمني الجديد يحلم اليوم أن ينعم في دولة مدنية حديثة يُطبقُ فيها الشرع والقانون وتقوم بإصلاح ما أفسده الماضي والسرعة في استكمال هيكلة الجيش والأمن عبر أسس علمية وفقاً للمبادرة الخليجية ومحاسبة الفاسدين وإنجاح مؤتمر الحوار الوطني لأن مصير اليمن ومستقبله مرتبط ارتباطاً وثيقاً بنجاحه .
أحمد محمد نعمان
حَصَانَةُ القُضَاةِ لاَ تَحْمِيْهِم مِنْ النِّقَاطِ الَعَسْكَرِيَّة 1428