تلازم نجاح الحوار بالتسامح صار شيئاً ضرورياً وحاجة وطنية لا يمكن أن ينجح الحوار بدون هذا التلازم، لان التسامح فضيلة أخلاقية، وضرورة مجتمعية، وسبيل لضبط الاختلافات وإدارتها، وهذا ما يحتاجه المتحاورون في مؤتمر الحوار الوطني كأشخاص، وأما ما يخص القضايا الوطنية ومستقبل اليمن فلا تساهل فيها، ونحن ندعي الانتماء الي الاسلام والإسلام دين عالمي يتجه برسالته إلى البشرية كلها, ناهيك عن مجتمع صغير كاليمن، وإسلامنا يأمر بالعدل وينهى عن الظلم ويرسي دعائم السلام والتسامح في الأرض، ويدعو إلى التعايش الإيجابي بين البشر جميعاً في جو من الإخاء والتسامح بين كل الناس بصرف النظر عن أجناسهم وألوانهم ومعتقداتهم, فالجميع ينحدرون من (نفس واحدة)، كما جاء في القرآن الكريم:﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ﴾..
كما أن الإسلام من جهته يعترف بوجود الغير المخالف في الدين سواء كان فرداً أو جماعة ويعترف بشرعية ما لهذا الغير من وجهة نظر ذاتية في الاعتقاد والتصور والممارسة التي تخالف ما يرتـئيه شكلاً ومضموناً, فكيف بمن نختلف معهم في وجهات النظر فقط، ويكفي أن نعلم أن القرآن الكريم قد سمّى الشِّرك ديناً على الرغم من وضوح بطلانه، لا لشيء إلاّ لأنه في وجدان معتنقيه دين.
والواقع أن المرء إذا نظر إلى تلك المبادئ الا سلامية المتعلقة بموضوع حرية التديّن التي أَقَرَّها القرآن بموضوعية، لا يسعه إلاّ الاعتراف بأنها فعلاً مبادئ التسامح الديني في أعمق معانيه وأروع صوره وأبعد قِيمه, فكيف بالتسامح بين المسلمين المختلفين؟.
إننا اليوم في اليمن وقد بدأنا الحوار الوطني في أشد الحاجة إلى التسامح الفعال والتعايش الإيجابي أكثر من أي وقت مضى، خاصة ونحن نرى العالم يتقارب بين الثقافات ووجود التفاعل بين الحضارات يزداد يوماً بعد يوم بفضل ثورة المعلومات والاتصالات والثورة التكنولوجية التي أزالت الحواجز الزمانية والمكانية بين الأمم والشعوب، حتى أصبح الجميع يعيشون في قرية كونية كبيرة.
محمد سيف عبدالله العدينى
تلازم التسامح لإنجاح الحوار 1437