alnawras85@hotmail.com

لهذا المكبل بعقدة الحرية, والذي ما توقف هذيانه الفوضوي, يوم ان قال لكل باحث عن وطن جميل يستوعب أحلامنا جميعاً: " الستم من خرج ينادي بالحرية وينشدها؟! الستم من قال أين حريتي المكبلة؟!.. حرية ان تكون يوماً "مع " أو "ضد " وحرية أن تكون مناضلاً جسوراً ثم ما تلبث أن تتحول إلى " قطعة كيلينكس " لتلميع حذاء شيطان!.. حرية أن تصرخ في وجهي متى ما تشاء, أن تبصق على كل مقدس, وان تتراجع عن فعلتك متى كنت مستعداً للتفاوض والسماح !!.
لهذا المقدم عبودية لا مثيل لها : "حريتك التي تغالي بها اليوم نتاج خروجنا صباح مساء تحت أشعة الشمس الحارقة وتحت وطأة الليل وصرير البرد, بعد ان كنت وجماعتك ترشقونا بالرصاص والحجارة ليرحل منا الكثير يوماً بعد آخر , حقا قد كنت حينها في مكان آخر تلعن ما نقوم به وتسفه كل تضحية قدمها شهيد أو جريح, وتسخر من مطلبنا للانعتاق من قيود كبلت حياتنا لدهر ".
اليوم أنت هنا لا تكل ولا تمل باحثاً عن حريتك ولم تجدها بعد, ولن تجدها لأنك عشت مستلذاً بذل مقيت, استهويته فاستعذبك, ومحال لمن قدم نفسه فداء وقربان لشيطان ان يدرك حرية الأحرار.. أرآك تعبر طرقاً أخرى خارج سرب الخليقة, تعبث, تمزق ما تبق لديك من وجود لتهلك نفسك ومن حولك لتقول لنا " أنا حر, ألستم من دعاة الحرية !"..
صعدت الأن الحافلة وهي مكتظة بالعامة, أشعلت سيجارة وقمت تنفخ في وجهي سُمك, لتثبت حريتك.. لم تكتف الآن, لتصب جم غضبك على الجميع, ولا تستثني صغيراً, كبيراً أو امرأة.. ثم تتحفنا في مساءنا عبر القنوات والفضاء الالكتروني بزوبعة لا تنتهي من الشتائم والاتهامات لكل من يخالفك, وتختمها بـكلمة "حر "..
كمواليد القطط, غُمرنا بالصحف والمواقع الإخبارية, وأصبحت الأكشاك مغمورة بأسماء يصعب على المتابع إحصاءها, وهي دعوة للتفاؤل والأمل بأن لنا هذا التنوع الخصب في بيئة لم تعترف بالنقيض والمخالف, وزادت درجات الأمل بانطلاق القنوات الفضائية الخاصة, انطلاقاً من حرية الكلمة وعدم خنقها.. سؤال يخنقنا جميعاً عن ماهية الإضافة التي حققتها لنا هذه الوسائل؟!.
للأسف نحن محاصرون بالحقد والكراهية والاحتشاد والتجييش ضد الآخر, ونستهلك كل شيء لإرضاء نزوات أنانية زائفة, ثم نخادع أنفسنا بأنها الحرية المباحة والتي من اعز حقوقنا وان تمادت لتمس حرية الآخرين وان لا يجب حجرها أو قسرها إن خالفت الفطرة وعرضت الجميع للأذى.. متى سنفهم اننا نؤذي أنفسنا بطرق خبيثة وندمر وطناً كان يحلم ان يكون جميلاً بنا وبمحبتنا؟!.. لنفتح عقولنا وقلوبنا للحب, ولنغلق المذياع والشاشات والصحيفة.