قـال الإمام الشافعي قديمــاً:
تغــــرّب عن الأوطـــان في طـلـب العُــــــــــــلـى
وسافر ففي الأسفـــــــار خمــــــس فــــــوائــــــــدُ
تفــــــــــــريج هـم واكتســـــــــاب معيشـــــــــــــة
وعلــــــمٌ وآداب وصحبــــــــة ماجــــــــــــــــــــــد
فقال أحدهم معلّقاً على ذلك: رحم الله الإمام الشافعي.. يبـدو أن الغربة كانت جميلةٌ عنده آنـــذاك, في عهده لا كفيل ولا إصـدار إقامة ولا تأشيرة دخول ولا تجديد ويبدو أن الشخص في ذلك العصر كان دائماً يجد عندما يتغرب من هُم أكثر منه علمــا وحكمة فيتعلم منهـــــم.
لو نظرنا إلى الواقع الذي يعيشه المغترب اليمني اليوم ستجد أن جميع الهموم والغموم تتراكم عليه من حيث رخصة الإقامة وجواز السفر ومن جانب كفيله أيضاً, ناهيك عن تلك المعاملات التي يشنها الكفلاء وغيرهم على العمالة الوافدة.
ومما لاشك فيه أنه لا يوجد في الوطن أحد إلا ولديه أبٌ أو أخٌ أو قريب مغترب في بلاد المهجر أسماه الأجانب أبو يمن يعمل منذ سنوات طويلة ولربما لشهور قليلة بعدما ضاقت عليهم أرض السعيدة بما رحبت وقذفت بهم إلى الخارج نتيجةً للوضع الاقتصادي الهش الذي يعيشه البلد والذي يمر بمراحل صعبة وينتظر المغترب الحلول التي سينتجها مؤتمر الحوار الوطني الهام في بلده حتى يطمئن بأن هناك أرضاً وحكومة سترعاه لو عاد إلى الوطن يوماً من الأيام ليعيش معززاً ومكـرماً!!..
أبو يمن في بلاد الغير بين عذاب الداخل وجحيم الخارج, يعيش الاغتراب المؤبد كالسجين الذي لم يستطيع الوصول إلى حل لقضيته الجنائية، يتعلم من الغربة الصبر وقوة التحمُل، ويعلم أن هناك من لا يهتم به, فينظر إلى يمينه السفارة الهندية وفي شماله السفارة الفلبينية ولا يعلم أين هي السفارة اليمنية ليرفع رأسه عالياً عندما يرى علم الجمهورية اليمنية يرفرف في الخارج ليعتزّ به كما يعتزّ الآخرون بأعلام أوطانهـم.
فالمغتربون هم الركيزة للوطن وهم صمام أمان المستقبل هم أمانه في أعناق الحكومة التي لا تسمع لأنينهم ولا تعلم عن أحوالهم والهم الذي يعيشه المغترب اليمني الواحد أقوى من الهم الذي تعيشه وزارة المغتربين بأكملها، ويدرك المغترب تماماً بأن وطنه لن يستقر في الوضع إلا إذا وُجدت الأمانة وظهر الحكم الرشيد والنزيه وغابت الأحقاد الذي تفرزه الأحزاب والتنظيمات السياسية واختفى الفساد هنا ربما سيشعر المغترب بأن بلاده هي الأغلى والأجمل والأمثل للعيش والاستقرار فيها.. ولهذا نقول: هل المشاركون في الحوار الوطني يستطيعون أن يبنوا دولة مدنية حديثه تنعم بالخير والأمن والأمان؟.. أثبتوا ذلك للمغترب اليمني كي ينسى الأتراح ويحولها يوماً إلى أفراح بعد طول الغياب عن الأهل والأحبة والوطن.
k99199k@hotmail.com
خليف بجاش الخليدي
أبو يمن والاغتراب المؤبد 1737