تعتبر فترة الستة الأشهر التي يتخللها الحوار من أهم الأشهر، لأنها تحمل في طياتها أسمى حدث لليمن أرضاً وإنساناً, وهي كافية بالضمير الوطني لرسم بناء اليمن الجديد بأدواته وأشكاله الجديدة التي من خلالها سوف يؤسس للحكم الرشيد.
ولأن ميراث المعضلات وترسباتها الماضية تقف حجرة عثرة أمام هذا التحول التاريخي الذي تشهده اليمن ودول الربيع العربي , والذي من خلاله تم إبعاد بعض مراكز الفساد ولاحظ أنني قلت بعضاً ولم أقل كل الفاسدين لأنك, اذا أردت أن تطهر الجسد اليمني من جميع الفاسدين, يجب عليك أولاً أن تبدأ بحل المشكلات العالقة والمعوقة للمشروع الوطني ,الذي من خلاله يتم ترسيخ مؤسسات الدولة المستقلة عن مراكز القوي المتصارعة .
وفي هذه المرحلة من الحوار الوطني الذي سقفه السماء، فلا حدود لحرية التعبير, تحدث عن الانفصال, عن الفيدرالية, عن أشياء كانت محرمة في الماضي, اليوم يتحدثون بها على مرأى ومسمع العالم , قل ما تشاء , وهذا بحد ذاته من إيجابيات الثورة.
وهنا أقول أن القوي التي كانت بالأمس لا تقبل الرأي الأخر, إنها اليوم بدأت تروض نفسها على قبول الرأي الأخر ,والحوار بين كل هذه الأطياف التي كانت لا تعرف إلا لغة واحدة, هي لغة الموت وهي السلاح, وهذا كله يعود بفضل هذه الثورة المباركة التي أوصلتنا إلى هذه المرحلة الهامة في حياة اليمنيين, بعد ما كان النظام السابق يتملص ويرقص على رؤوس الثعابين من أجل عدم الوصول إلى هذه المرحلة الجادة من مرحلة الحوار.
إذ بدأ الطريق الإيجابي لليمن السعيد يرتسم في ملامح نجاح هذا الحوار الذي يتفاءل اليمنيون كثيراً بنجاحه, من كان يتوقع انه سيأتي يوماً من الأيام وللمهشمين ممثلٌ يمثلهم في القاعة التي يجتمع فيها كبار رجال الدولة, وهو اليوم في درجة واحدة مع الشيخ الفلاني ورجل الأعمال الفلاني الضابط الفلاني وكل المتعجرفين, هذا ما لم نكن نتوقعه أنه سيصبح واقعاً يوماً ما.
وأخيراً أقول, لكي ترتسم اليمن السعيد في المستقبل يجب على المشاركين في الحوار أن يتسموا بالوطنية, ويضعوا مصلحة الوطن والشعب والثورة نصب أعينهم, يجب أن يتذكروا أن الشعب قدم التضحيات الجسيمة من أجل إيصالهم إلى هذه الطاولة, ومن أجل أن تكون مخرجات النقاش على هذه الطاولة, هي الضامنة لمستقبل آمن مزدهر لليمن, بما يحفظ لهذا المواطن العيش الكريم ويحمي حقوقه وحرياته, بانتشار العدل والمساواة واستقرار الأوضاع أمنياً واقتصادياً وغيرها من سبل الحياة الآمنة السعيدة المستقرة.
حفظ الله اليمن من كل شر, ووفق المتحاورين لما فيه مصلحة اليمن والأمة, أنه على كل شيء قدير.