;
د.حسن شمسان
د.حسن شمسان

أزمة المغترب اليمني .. حلقة في سلسلة تآمر طويلة 1646

2013-04-05 15:56:43


دعوني أبدأ مقالي بتساؤلات منها: لِمَ كان المجتمع الدولي حملاً وديعاً في اليمن "راعي الحوار" وفي الوقت نفسه كان ذئباً في سورية ؟ والسؤال بتعبير آخر: هل دماء اليمنيين أغلى من دماء السوريين ؟ فأرسل إلى اليمن "الحكيم بن عمر" – كما يسمه بعض اليمنيين ! وأرسل إلى السوريين " الإبراهيمي الأحمر" الذي تأريخه مليء بالاستفهام؟ ولم فضل المجتمع الدولي الورقة السياسية (الحوار) في كل من مصر وتونس واليمن؟ وأعطى الضوء الأخضر للحرب في كل من ليبيا وسوريا؟ والسؤال من وجهة نظر مختلفة: هل المصلحة الغربية وحدها هي وراء التنوع في وسائل التآمر على الثورات" ؟ أي هل تعددت وسائل تخدير الثورات وتعطيلها من أهدافها والمتآمر واحد والمصلحة واحدة ؟
كل ما سبق من أسئلة هي –بتصوري- على درجة كبيرة من الأهمية والوجاهة وتحتاج إلى قراءة تعتمد تتبع سياقات الأحداث مجتمعة في دول الربيع العربي (تونس- مصر- ليبيا- اليمن- سوريا) وبنظرة بسيطة وسطحية إلى المواقع الجغرافية لهذه الدول؛ قد نجد إجابات أولية شافية؛ فـ"مصر واليمن) تقعان على ممرين تجاريين دوليين في غاية الأهمية للتجارة الدولية الأول قناة السويس والثاني باب المندب، إذاً فمصر واليمن تقعان على طريق التجارة الدولية وقيام حرب فيهما يؤثر على الاقتصاد الغربي (الأوروبي والأمريكي) فهو تخوف اقتصادي دولي بامتياز، وعودة إلى الموقع الجغرافي لمصر واليمن، فالأولى تجاور "إسرائيل" والثانية تجاور "السعودية"، وقيام حرب فيهما يعني حضور تخوفين أمني إسرائيلي وأمني سعودي؛ الأول من الحركات الجهادية؛ حيث ستجد هذه الأخيرة ضلتها فيما لو انفلت الأمن في مصر في حالة قيام حرب وسوف تتسلل إلى إسرائيل، وتوفير الجو الآمن في مصر عبر الحوار سوف يحول بين هذه الجماعات وبين ما تشتهي من الذهاب إلى إسرائيل، ومن ثم فإن الرئيس المخلوع كان يهدد إسرائيل بتلك الجامعات لو قامت إسرائيل بتنفيذ تهديداتها آنذاك بضرب السد العالي عندما ساءت العلاقات بين الدولتين آنذاك.
أما التخوف الآخر فالحوثيون في اليمن سيجدون ضالتهم أيضاً في قيام حرب في اليمن، وسيعملون على اتساع قاعدتهم، فسيتفيدون من ترتيب أنفسهم تكتيكياً وتسليحاً أضف أن الحرب ستضعف اليمن وتنهك جيشها وشعبها أيما أنهاك ولن يستفيد من ذلك إلا إيران وهذا يمثل تخوفاً أمنياً سعودياً لا يختلف عليه اثنان، وتونس لا تختلف كثيراً عن مصر واليمن من حيث هذا التخوف، فهي تجاور الأوروبيين وتحديداً فرنسا ونحن نعلم كذلك تنظيم القاعدة وتواجده الكبير هناك أضف إليه وجود التيار السلفي المتشدد وإذا ما انفلت حرب في تونس سيكون هناك تهديد أمني للأوروبيين وفرنسا تحديداً لهذا ليس من مصلحتهم كذلك قيام حرب في تونس ولما كانت ليبيا قريبة من تونس والمغرب ومالي تدخل المجتمع الدولي بسرعة حتى لا تنفلت الحرب وتتسع فيكون التخوف الأمني نفسه، خاصة وأن القذافي كان له علاقات قوية مع هؤلاء وكان يهدد بذلك.
أما سوريا فلا تمتلك تلك المواهب التي امتلكتها مصر واليمن وتونس، أضف أنها وقعت على طريق تتقاطع فيه مصالح الفرس والروم (أمريكا وإيران) وحليفهما إسرائيل، فكانت مصلحة إيران في بقاء سوريا محافظة تصل بينها وبين حزب اللات الذي يرأسه حسن نصر الله وسقوط نظام الأسد سينهي ذلك ولا ننسى أن حزب الله كان يمثل يداً قوية لإيران تفاوض من خلاله أمريكا والغرب، وفي الوقت نفسه كان نظام الأسد خير حامٍ لإسرائيل وحدودها.
ثم هناك مخاوف سياسية تشترك فيها جميع دول الثورات وهو أن القرار السياسي في هذه الدول لن يصب مجددا لصالح غطرسة إسرائيل وهذا ما ستعمل عليه الثورات في المستقبل عندما تنتهي من ترتيب بيوتها في تونس ومصر وليبيا واليمن وسوريا والمتآمرون لن يسمحون بهذا الترتيب وسيعملون على تأجيله والمراهنة على الوقت حتى تنقلب الشعوب على الثورات فهم يريدون أن يصلوا بالشعوب إلى تلك القناعات التي يروج لها أبواقهم في الداخل أن ما بعد الثورات أسوأ مما كان قبلها فهم يأملون في يوم ما أن الشعوب ستنقلب على حرياتها وترجع إلى عبودية المستبدين وهذا أبداً لن يكون.
وبناءً على ما سبق فإن اختلاف وسائل التآمر على الثورات ليس لأن دماء العرب والمسلمين تتمايز عند المجتمع الدولي ولكن لأن اتخاذ وسيلة الحرب والدمار ستضر بمصالح الذئاب، فيعملون من الوسائل ما يتناسب مع مصالحهم فقط، وإلا فإن الدماء العربية والمسلمة وزنها واحد وقيمتها واحدة عند المجتمع الدولي أي أنها منعدمة القيمة، فالذي أسال دماء وحقن دماء هي المصلحة الدولية والإسرائيلية لا غيرها وإلا فإن العداء على الثورات سواء. واليمنيون هم من سيصنعون مستقبلهم واستقرارهم وليس المجتمع الدولي والإقليمي الذي يظن به بعض العاطفيين اليمنيين خيراً أما القارئون للوضع بعقلانية وموضوعية فلن يركنوا إلا إلى الله ثم حكمتهم، فليس حال السوريين هو من يستدعي شعار "ما لنا غيرك يا الله" بل كل بلدان الربيع العربي. فهم لا يريدون - أي المجتمع الدولي واللاعب الإقليمي – يمناً هادئة مستقرة، إنهم يريدون يمناً هادئة جائعة.
وما يحصل للمغتربين اليمنيين خير دليل على إرادة أصيلة لسياسة تجويع تهدف إلى ليّ ذراع الثورة اليمنية لأنها فكرت أن تبني الدولة المدنية التي تتمتع بسيادة النظام والقانون وبالتالي سيادة الوطن، ومن هذا تفكيره وتلك أهدافها القريبة علينا أن نأتيها من المكان الذي يتأذى من الشعب بسرعة فائقة، فيرتد الشعب من غصة الجوع على ثورته، وعندما قالوا: "الجوع كافر" هم يريدون أن يقيسون مدى هذه المقولة إنهم يسعون بشعوب الربيع العربي إلى الكفر بالثورة والقيم التي جاءت تقيمها في واقع الوطن قيم الحرية والعدالة والمساواة وأهمها قيمة الوطن وسيادته، والانقلاب على الثورة يعني انقلاب الشعوب على هذه القيم قيمة الإنسان المتمثلة في الحرية وقيمة الوطن المتمثلة في العيش الآمن الهانئ، وهم يريدون أن يجردون اليمنيين من كل شيء من الحرية بإعادة المستبد عبد القطيفة الذي تهون عنده هذه القيم
وبدلاً من أن يركز اليمنيون على حوارهم في هذه المرحلة الحساسة، تصطنع السعودية هذه القرارات في هذا الوقت الذي يريد التآمر إفشال حوار اليمنيين وما كان على السعودية وقد انتظرت طويلاً أن تنتظر ستة أشهر أخرى حتى ينتهي المتحاورون من الحوار، ألم أقل لكم إن الحوار بتصور هؤلاء هو ورقة المراهنة عن الوقت وكلما مر الوقت دون حلول كلما ازدادت نقمة الشعب اليمني على ثورته، فكيف بطرد اليمنيين بالآلاف بل قد يصل إلى مئات الآلاف وفي مثل هذا توقيت نريد إجابة مقنعة من الجارة التي تدعي قولا أنها مع استقرار اليمنيين وفعلا تثبت أنها مع تجويعهم ومحاولة الالتفاف على ثورتهم وهي في تصرفها هذا تركن إلى الغرب وقوته بكل حذافيرها تنفذ خطته وما حاولت أن تفهم العلاقة الحميمية التي تربط الغرب بإيران وأن هذا الغرب الحليف إذا ما اقتضت مصالحه، قد يسلم دول الخليج لقمة سائغة إلى إيران، كما سبق وسلم العراق.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد