أكمل دراسته الجامعية وكان فرحاً, لأنه أخيراً سوف يحظى بفرصة التوظيف وسيحقق أحلامه التي رسمها في خياله ولكن هذه الفرحة لم تأت انتظر سنة وأخرى وثالثة وخامسة والحلم لم يتحقق, ظل يعمل هنا وهناك, مرة بائع في محل وأخرى في مطعم واستمر على هذا الحال حتى قرأ إعلاناً في احدى الصحف الرسمية يطلب موظفين واستبشر خيراً وعقد العزم وذهب لإجراء المقابلة.. لم تكن هناك أي مقابلة وإنما طلب منهم تقديم ملفاتهم وتبين له أنه المتقدم الوحيد الذي يحمل مؤهلاً جامعياً في نفس التخصص المطلوب عاش على أمل أن تتم الموافقة عليه, لكن لم يحدث ذلك ببساطة رفضوه لأنه لايملك خبرة 3 سنوات.. من أين له بهذه الخبرة وهو لم يزاول هذا العمل من قبل, فقد درسه ولديه خبرة علمية كافية مع الوقت سوف يتقن العمل؟!.
أحس بخيبة أمل كبيرة ومع ذلك لم ييأس فقد ظل مثابراً على البحث, حتى التقى بصديقه الذي أخبره عن سفره إلى السعودية للعمل هناك بدلاً من الجلوس بدون عمل أو العمل بدون أي عائد مالي.. سأله عن تكلفة السفر وقرر أن يسافر للبحث عن فرصته التي لم يجدها في بلاده.. تم تدبير المبلغ.. الله وحده يعلم كيف حصلت الأسرة على ذلك المبلغ.. سافر وعمل هناك في أحد المصانع, لم يشك في البداية من شيء ولكن مع مرور الوقت بدأ الكفيل يرفع المبلغ الضعف, غير تلك المعاملة الغير لائقة التي كان يلقاها من الكفيل, تحمل من أجل لقمة عيشه وأسرته.. عاش في عزبة مع شباب من اليمن, عرف أن الكثير منهم دخلها بطريقة غير نظامية, لأنهم لايملكون المال لشراء الإقامة وربطته بهم علاقة صداقة هؤلاء من دخلوا السعودية بطريقة غير قانونية تسببوا بالأذى للبقية الذين باعوا ما يملكون لشراء هذه الإقامة, فقد صدر قرار لتعديل المادة 39.. وعلى الرغم من علمه أنه غير مخالف وملتزم بنص المادة, إلا انه يعيش حالة من الرعب والقلق كل يوم, أما من معه في السكن فهم يعيشون حالة الرعب والخوف, فالجوازات نشرت الرعب بين صفوف اليمنيين المغتربين, فواحد يختبئ داخل برميل خوفاً منهم وآخر يبقى في الحمام مختبئاً..
حتى من لديهم إقامة ولايعملون مع كفلائهم تم تمزيق إقامتهم إلى نصفين, 98% من المغتربين اليمنيين لايعملون عند كفلائهم لأن الكفيل لايوفر العمل وإنما يعطيهم الحق بالعيش هناك وسعيد الحظ من يحظى بكفيل يوفر له عملاً قد يكون هو محظوظاً ومع ذلك يشعر بالخوف والرعب, ربما لأنه يشعر بمعاناة إخوانه وأصدقائه, سيما لأنه يشعر بوجعهم وألمهم, لم يشعر بالقهر والعجز من قبل ولكنه يشعر بذلك الآن مقهوراً, لأن اليمنيين اصبحوا أذلاء ويعاملون تلك المعاملة, فما يحدث للمغتربين في السعودية يعد انتهاكاً صارخاً للإنسانية, والدولة لم تحرك ساكناً ظل يتساءل كثيراً من المسؤول عن ما يحدث لهم؟! هل هي الحكومة التي باعتهم بأبخس الأثمان؟! يتساءل ولايجد إجابة ولا من يجيبه, تخطر في باله إجابة فيحمل الحكومة السبب, لأنها لم تحافظ على رعاياها وتحفظ لهم كرامتهم وسوء معاملة الحكومة للفرد اليمني السبب وراء هذه الأزمة الحقيقية.. ولو كان الرئيس هادي تفضل بزيارة رسمية للسعودية وتباحث مع المسؤولين هناك لحلت مشكلتهم لاينفك يبحث عن إجابات لتساؤلاته الكثيرة وأخيراً وقف عن التفكير وتوجه إلى الحمام وتوضأ للصلاة, ثم صلى وتوجه بالدعاء لله عز وجل ليزيل عنهم الغمة ويفرج كربتهم, ويزيح همهم, فهو السميع المجيب ومنصف المظلوم, فلم يعد لهم ملجأ سواه.
كروان الشرجبي
أوجاع مغترب 1663