يحزنني أن يصفنا الآخرون بأننا شعب همجي متخلف, شعب متعطش للدم, يحاور بالسلاح ويتفاهم بالعصي, يتعصب للقبيلة في الصواب والخطأ ويثور كالمجنون في لحظات حميته التي تعمي بصيرته.
يحزنني أن ينعتنا الآخرون بأقذع الألفاظ وأبشعها ويجعل منا أضحوكة وحكاية يتداولونها ويروون فيها قصص عن جهلنا وغباؤنا وسخافتنا ويضربون بها الأمثال لكل شيء يخالف العقل والفطرة والمنطق..
يحزنني أن تغيب حكمتنا التي جاءت في الحديث في أبسط الأمور وأتفه الأسباب وتظهر الوحشية والهمجية والحمية التي تدمر الأسر وتؤجج نار الفتن وتشق عصاء الجماعة وتشرد وتنكل وتقتل دونما وجه حق يذكر غير أن (الجاهلية) وعدم التعامل مع الأمور بعقلانية ورجاحة وحنكة وإنسانية هي سيد الموقف وهي الوسيلة التي أرتضى بعض من يسمون أنفسهم ( آدميين), بينما هم في الأصل (وحوش) في جلود ( بشر) وأن يجعلونها لغة التفاهم.
يحزنني أن لا نكون ألين قلوباً وأرق أفئدة كما وصفنا الرسول صلى الله عليه وسلم وأن ننسلخ من ( لين ) قلوبنا و(رقة) أفئدتنا ونتحول إلى وحوش ضارية لا تعرف الرحمة والشفقة ولا تخشى الله أو تخافه, وتتصف بصفات عدائية وحشيه تسعى لأن تشبع نهم جوعها وتطفئ لهيب أحشائها المتعطشة لرائحة الدم وطعمه فتقتل النفس التي حرم الله قتلها إلا بالحق الذي هو بريء من تلك التصرفات التي يتحجج البعض بأحقيتها لحظة وقوع (الفأس) في الرأس ولحظة أن يبلغ الدم (الركب) وتحل الفجائع بدور (الأغبياء).
يحزنني أن تقتل شعبي تلك (الحمير) وأن تكون هي من تستخف بهم وتشعل فتيل الحروب فيما بينهم فتخلف القتلى والجرحى وترمل النساء وتيتم الأطفال وتؤجج الصراع وتخلق الشحناء والبغضاء والعداء فيما بينهم وتحيل حياتهم إلى كآبة وتعاسة وحزن والم والجاني ( حمار).
يحزنني أن أقول سحقاً لشعب تقتله الدواب وتحوله من آدمي أكرمه الله بالعقل والضمير والإنسانية إلى ( آدمي) متوحش تقمص دور الحمير الوحشية والحيوانات الضارية فأتقن الدور وأجاد البطولة وأهلك الحرث والنسل وحاز على رضاء الشيطان وابتسامة الحمار (الساحرة).
سحقاً لمن استفزه حيوان يحمل أسفاره وتضربه أسياطه وأنجر خلف عقليته المتحجرة ونظرته القاصرة وآدميه المصطنعة ولم يتمالك نفسه لحظة إثارة الحمار حفيظته وأخرجه بسذاجته وغباءه عن الطور والقى به إلى التهلكة, فتهاوت الهامات وتمزقت الأجساد وأزهقت الأرواح وسالت الدماء.
سحقاً لشعب لا يستفزه أو يغضبه من يتلاعبون به ويعيثون فساداً في وطنه وينهبون ثرواته ويستبيحون حرماته ويمارسون معه طقوس الفساد والعادات القذرة, وجن جنونه لمجرد أن حماراً جائعاً أزرت به السياسة وأنهكته الأسفار, أراد أن يقتل جوعه حتى وإن كان (بالحرام) فقتله الآدمي قبل أن يأكل أي شيء.
مرسى قلم:
قبل أيام اقتتل بعض اليمنيين بسبب حمار دخل مزرعة أحدهم فأكل منها, فكانت الحصيلة 8 قتلى و7 جرحى بينهم نساء وأطفال.. فأي عقلية تلك التي يملكون؟.
فهد علي البرشاء
سحقاً لشعب تقتله الحمير 1597