إن على كل القوى السياسية وعلى أعضاء مؤتمر الحوار الوطني أن يضعوا في أذهانهم أهم معوقات بناء الدولة اليمنية الحديثة، وعلى رأسها التركيبية المجتمعية الهرمة ذات الجذر القبلي، وضعف مؤسسات المجتمع المدني، وضعف الطبقة الوسطى، واختلافاتها وانقساماتها ووجود التفكير الحزبي الضيق المختلط بالقبيلة وبالطائفية، والعشائرية والمناطقية وهو حاضر عند البعض من أعضاء مؤتمر الحوار الوطني، ووجود سيطرة القوى التقليدية على المال والقوة التي لا تمتلك رؤية واضحة ومحددة لبناء الدولة.
لقد مثل قيام الوحدة في الـ 22 من مايو 90 فرصة كبيرة لبناء هذه الدولة، لكن بقاء انقسام جيشها وأمنها وعملتها، وعدم الإخلاص لدى مختلف الأطراف لبناء الدولة كان المعطل الأساس والمهيئ لحرب 94 كثمرة كريهة لهذا التوجه المدمر، واليوم التباطؤ في عدم حسم توحيد الجيش يمثل الخطر المحدق والمؤخر للانتقال إلى بناء الدولة، ولا بد ان نضع في الاعتبار أن سياسة نظام صالح خلال العقود الـ4 عملت على الانحدار بالدولة إلى مضارب القبيلة، وأضاع هيبة الدولة، وأفقدها أهم خصائصها، وهي إنهاء هيبة الدولة في المجتمع، وجردها من وظيفة تطبيق القانون، واحتكار العنف, حيث منحت القبيلة والإرهاب مشروعاً يتزايد باضطراد وانتهج أسلوب الفتن والحروب المستدامة وحول النظام إلى جزء من عصابات تتصارع وتتوافق على نهب الثروات، وتدمير الأمن والسلام الذي هو مسؤولية الدولة وحدها عن حمايته، وضرب الجنوب بالشمال، والشيعة بالسنة، والعكس, والشمال بالشمال، والجنوب بالجنوب، وباختصار وضع الكل في مواجهة الكل، وتخويف الجميع من الجميع، والسيطرة المطلقة على القيادات العسكرية والأمنية، ووضعها تحت أقدام القبيلة وقيادة الأسرة، وغيب هيبة الدولة وسلطانها، وغيب فرض القانون على قاطعي الطريق والمختطفين ومدمري أسلاك الكهرباء وأنابيب النفط، وما يمارس اليوم هو امتداد لسياسة صالح التي كانت ممنهجة.
إن المطلوب اليوم وبإلحاح الاتفاق على صيغة أو صيغ بناء الدولة والدستور، وقضايا البناء والتنمية، وشكل الدولة الجديدة، وتوحيد رأس الجيش وخضوعه لقائد واحد، وإخراجه من المدن ومحيطها، ومن الحزبية والسياسية تعبيدا للطريق الآمن لبناء الدولة، والعمل على معالجة وجود القبيلة المدججة بالسلاح، ووجود التنظيمات المسلحة، وكلها عوائق، اليوم الإرادة العامة للشعب اليمني هي التغيير ثم التغيير ثم التغيير..
إن المطلوب خطوات سياسية تستجيب لمطالب التغيير وبناء الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة والتي من خلالها يتم حل قضايا الجنوب وصعدة، والتعويل أكثر فأكثر على استمرار الثورة بدلاً من الرهان على قوى تجار الفتن والحروب وانتظار ما سيقرره الخارج.
محمد سيف عبدالله العدينى
متطلبات تهيئة اليمن لدولة مدنية 1550