أثبت الرئيس عبد ربه منصور هادي أنه رجل المرحلة بحق من خلال القرارات الحكيمة التي يتخذها وتصب جميعها في خانة المطالب الثورية ولعل أبرزها القرارات الأخيرة التي أعادت الجيش اليمني إلى مساره الصحيح وحررته من نظام العائلة والأسرة المستبدة ليصبح جيش الوطن من شماله إلى جنوبه ومن شرقه إلى غربه, حيث لم تقتصر التعيينات الجديدة على محافظة أو مديرية بعينها كما هو حال فترة حكم الرئيس السابق التي أقصت كل الكفاءات المؤهلة واستبعدت كل الشرفاء الوطنيين سواء كانوا في السلك العسكري أو السلك الدبلوماسي والمدني بمن فيهم الرئيس هادي الذي جعل منه صالح نائباً له من دون صلاحيات ولا مهام.
لقد ظل الرئيس هادي على مدى عقد ونصف من الزمن نائباً شرفياً لصالح بعيداً عن الأضواء يقضي دوامه اليومي في مكتبه بوزارة الدفاع وليس القصر الجمهوري وعند المهمات الصعبة التي كان يضطر صالح لإيفاده لإطفاء بعض الحرائق التي كان يشعلها نظام الزعيم خاصة في المناطق الجنوبية ومع ذلك لم تكن تلقى الاهتمام الكافي من قبل وسائل الإعلام الرسمية التي كانت حينها تتلقى تعليماتها من مطبخ صالح ومقربيه وصقوره في تيار التوريث داخل حزبه المؤتمر الشعبي العام ومن ثم جردوه من كل الصلاحيات والمهام التي يفترض أن يقوم به أي نائب رئيس في العالم بما فيها أولياء العهد ونوابهم في الدول الملكية ولم تعرف هذه الدول أن قصرت مهام نائب الرئيس أو نائب في تدشين حملات التطعيم أو رئاسة اللجان العليا للاحتفالات كما كان عليه الحال مع هادي في الحقبة البائدة .
فساد صالح وغروره كانا كفيلين بإخراجه من أضيق أبواب التاريخ وحكمة هادي وعلمه أدخلاه التاريخ من أوسع أبوابه، فهادي الذي ذاق حلاوة التعليم ونال النصيب الأوفر منه وحصل على شهاداته الجامعية من أعرق الجامعات العسكرية وتدرج في المناصب العسكرية حتى وصل إلى رئاسة الجمهورية بتوافق داخلي وإجماع خارجي هو اليوم يقود عملية التغيير و بناء الدولة المدنية الحديثة وترسيخ الديمقراطية وتحرير الجيش من قبضة النظام الأسري في فترة وجيزة من حكمه.. بينما الأمي صالح الذي لم يعرف طريق المدرسة ولم يتلقى أي نوع من التعليم ووصل الرئاسة في غفلة من التاريخ ضل فيها أكثر من ثلثي قرن كان خروجه منها بضغط داخلي وإجماع خارجي وهو اليوم يلفظ آخر أنفاسه في السلطة بعد تحرير الجيش من قبضته وتطارده دماء الثوار أينما حل وارتحل.
لقد خيل لصالح عند توقيعه المبادرة الخليجية أنه سيظل ممسكاً بمقود السلطة من خلال رئاسته للمؤتمر الشعبي ومن خلال نائبه السابق, لكن سرعان ما انقلب السحر على الساحر وأثبت هادي أن الهدوء عادة ما يسبق العاصفة وأنه عند مستوى المسؤولية والثقة التي منحه إياها ما يقارب سبعة ملايين ناخب بمن فيهم شباب الثورة السلمية وهو من تعهد لهم بتحقيق كل الأهداف التي خرجوا من أجلها وها هو اليوم يثبت أنه قادر على الإبحار بسفينة الوطن وسط الأمواج المتلاطمة والمؤامرات الرخيصة لشذاذ الأفاق وممتهني العهر السياسي ممن رهنوا ضمائرهم لمصالحهم الضيقة وأنانياتهم المفرطة ومع هذا لن يستطيعوا وقف عجلة التغيير أو حتى إعادتها للوراء ما دام الشعب اليمني وفي مقدمته شبابه وثواره يصطفون جنباً إلى جنب مع قيادتهم السياسية المنتخبة لإكمال مشوار الثورة وتحقيق كل أهدافها.
وبقدر ما كانت القرارات الأخيرة التي اتخذها الرئيس هادي شجاعة وجريئة, إلا أنها لن تكون الأخيرة ومن المصلحة العليا للوطن أن تلحقها قرارات تاريخية مماثلة تسقط الحصانة عن القتلة وتطيح برموز الفساد وناهبي المال العام وتصب في استعادة الأموال المنهوبة والمهربة, إضافة إلى إنهاء حالات التمرد على قرارات الحكومة من قبل بقايا نظام صالح سواء في تعز أو حجة وغيرهما من محافظات الجمهورية وقبل ذلك تحرير وزارة الخارجية من تبعيتها لعائلة صالح وتطهير السفارات والقنصليات من الفاسدين وأزلام النظام السابق, ناهيكم عن هيكلة منظومة القضاء وتصحيح مسار التعليم العام والجامعي والأهم من ذلك تحسين مستوى معيشة الناس حتى يلمسوا خير الثورة ونعيمها.
عبد العليم الحاج
مع هادي لمزيد من القرارات 1495