لا يحصل الطفل الحدث على ذلك القدر الكافي من الرعاية والاحتواء الذي قد نتخيله حين نسمع عن دور الأحداث المنتشرة في محافظات الوطن على اختلاف مساحتها الجغرافية أو اعتمادها المالي على جهات غير حكومية, في إشارة إلى حجم الوعي الغائب عن مساحة القرار الحكومي في مختلف مجالات الطفولة.. إن توفير وجبات الطعام في تلك الدور أمر مفروغ منه، كما أن الحصول على ملابس نظيفة وفراش مريح لا جدال فيه، إلا أن هذا الحدث بحاجة إلى ما هو أهم من هذا بكثير، فوجود برامج تدريب وتأهيل خاصة بهذه الفئة من الأطفال أمر في غاية الأهمية، فالملحوظ لدى زياراتنا المتعددة لبعض تلك الدور أنها تفتقر لمنهجية توعوية متكاملة ومرنة تعمل على غرس المبادئ الأساسية لأخلاقيات المسلم التي تميزه عن سواه وتتوافق مع أصول الدين الحنيف الذي حمل رسالته سيد الخلق أجمعين.. إن بقاء البعض من هؤلاء لفترات تتجاوز الفترة الزمنية المحكوم بها قضائياً وعلى خلفية قضايا غير جنائية ستجعلهم عرضة للخطر إثر توافد أحداث آخرين على هذه الدور أكبر سناً وضلوعاً في مجال القضايا الجنائية أو حتى الجرائم الأخلاقية، والأمر على هنا من سيء إلى أسوأ في ظل غياب منهج تقويمي يحصن الصغار ويحاول توجيه الكبار في مادة منسوجة بشكل علمي، أخلاقي، توجيهي، يتفرد بوضعها أصحاب الخبرة والمعرفة ومن يرى فيهم أصحاب القرار نخبة المجتمع الأخلاقية والدينية, فعلى عاتقهم فقط تقع هذه المسؤولية التي ربما أهملها الوالدان أو عجزا عنها أو انفرط عقد التربية بين أيديهما لأسباب قدرية بحتة كالموت أو الانفصال الزوجي الذي لا حظنا من خلال دراستنا للحالات هناك أنه يقف على رأس الأسباب المؤدية لانحراف الأبناء وضياعهم وانخراطهم المبكر في سوق الحياة الاجتماعية والعملية دون أن يكون لديهم أي خيار آخر وهذا بالطبع يحدث في ظل قضاء غير جاد وغير منصف لحقوق المرأة والطفل بعد حدوث الطلاق.
إن مشاكلنا الاجتماعية تبقى سلسلة غير منتهية من الأخطاء والتجاوزات التي يرتكبها أصحاب القرار والتي يذهب ضحيتها الضعفاء من الناس في وطن تحرسه القبيلة وتقف على بابه البندقية.
وإذاً فإن مسؤولية توجيه وتقويم سلوكيات الأحداث لا يجب أن تبقى حبراً على ورق، لأن ذلك إذا حدث سيكون له معنى واحد وهو وجود ثغرة جديدة لتخريج جيش من المفلسين أخلاقياً وكلنا يعلم حجم الخطر الذي يحدق بمجتمعنا والقدر الكبير من الثغرات التي تعمل على تزويد المجتمع بمثل هؤلاء.. فلماذا لا نشد قبضتنا على ما بين أيدينا من فساد حتى لا تكتمل دائرته مع فساد قد يحتاج لسنوات طويلة جداً ليتم التخلص منه على المستوى الاجتماعي الأكثر تفاوتاً واختلافاً من أي مجتمع آخر؟.. لا يجب أن تبقى تلك الأبواب مغلقة والفساد يعيش خلفها حقبته التاريخية الأكثر فجوراً وشططاً.. فقط لأجل أطفال اليمن يجب أن لا تبقى تلك الأبواب مغلقة.
ألطاف الأهدل
الأحداث.. الأبواب المغلقة 1497