إن المجتمعات العاجزة عن إنتاج غذائها أو شرائها، بعائد صادراتها الصناعية، لا تستحق البقاء، هكذا هي وجهة منظِّري العولمة حيث تعتبر هذه الشعوب عبء على البشرية أو على الاقتصاد العالمي، ويمكن أن يعرقل نموها الذي يحكمه قانون البقاء للأصلح، ولذلك يجب إسقاطها من الحساب، ولا ضرورة بالتالي لإيقاف حروبها الأهلية أو مساعدتها أو نجدتها.
وتشكل مخاطر العولمة التي تتمدد اليوم على امتداد دول الوطن العربي تهديداً لثقافة المنطقة العربية ومستقبلها، وتأتي خطورة هذا الاتجاه من خلال ما تتعرض له هيكلية هذه الدول وما تصاب به حضارة العديد من الأمم من تمزق وتشويه.
ولعل هدف الدول الكبرى وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية من ترويج مفاهيم العولمة، هو توظيفها من أجل سيطرتها وهيمنتها على العالم، وخاصة دول العالم الثالث ومنها وطننا العربي.
في مساحات شاسعة من العالم بدأت تظهر نتائج خطيرة بفعل العولمة كما يفيد باحثون أجمعوا على ذلك؛ حيث عاد الاستعمار الاقتصادي والسياسي والثقافي والاجتماعي من جديد في صورة العولمة الاقتصادية وفي ممارسات ومصطلحات منها: اتفاقية الجات، والمنافسة، والربح والعالم قرية واحدة، والتبعية السياسية، وتجاوز الدولة القومية ونشر القيم الاستهلاكية، مع والعنف والجريمة المنظمة.. الخ، ولعل قيام الكيان الصهيوني في قلب الوطن العربي بفلسطين جدد الصراع القديم بين الغرب والعرب.
ويؤكد الباحثون أن العالم الذي خضع للعولمة، أصبح بدون دولة، بدون أمة، بدون وطن، لأنه حول هذا العالم إلى عالم المؤسسات والشبكات وعالم الفاعلين والمسيرين، وعالم آخر، هم المستهلكون للمأكولات والمشروبات، والصور والمعلومات، والحركات والسكنات التي تفرض عليهم.. أما وطنهم فهو: (الواقع الافتراضي الذي نشأ في رحاب شبكة المعلومات الدولية وسائر وسائل الاتصال، ويحتوي الاقتصاد والسياسة والثقافة).
إيمان سهيل
المجتمعات العاجزة لا تستحق البقاء 1456