الظلم ليس معنى مبتذلاً تكرر سماعه.. ليس شعوراً يمر بالإنسان وينجلي كغيمة شتاء.. ليس خاطراً كئيباً يمر بالذهن ويمضي بسلام.. ليس ضيفاً ثقيلاً سرعان ما يغادر النفس..
الظلم كائن ضخم يجثم على حياة المظلوم.. يسد أفاق تفكيره.. يشل أركانه.. يلهب كيانه.. يختزل مساحات إحساسه.. يحيل الحياة لسلسلة عذاب, وكل مذاق يصير مراً.. كائن كئيب يلازم المظلوم كظله.. يفر منه المظلوم لضحكة كاذبة ,لفرحة مصطنعة ,لعمل يلهيه وفي لحظات الخلوة تنفجر من أعماقه حمم تكتظ على ترقوته فلا يملك إلا أن يذرف الدموع وينتحب متسائلاً : لماذا؟!!
ويدعو على ظالمه بحرقة.. فأنى يكون بين هذا وبين السماء حجاب؟!
الظلم مؤلم للنفس ,لأن المظلوم يتصاغر بين يدي شعوره بأنه ظلم , بأنه مقهور, لأنه ضعيف.. يقتله إحساسه بالعجز عن الانتقام لذاته ,عن استعادة حقه المسلوب.. يشعر بأنه ريشة في عالم العماليق ,نفثة نفس أحدهم تطيّره فيصير هباءً..
ضآلة مقيتة.. ضعة تملئه بإحساس قاتل بالدونية.. تغلفه من داخله مهما أظهر غير ذلك..
وكلما حاول نسيان مظلمته تعود رياحها لتهب من جديد في الأعماق.. وتلح الأنا العليا لاسترجاع تقديرها واحترامها وإنسانيتها المكرمة من رب السماء..
لو استطاع الظالم رؤية ما سببه من معاناة للمظلوم لبذل كلما يملكه ليشتري هذه المظلمة من غريمه , و لتمنى أن يصبح هباءً منثوراً قبل أن يلتقيه بين يدي الميزان, وجنة ونار وهو لم يسامحه بعد!!
نبيلة الوليدي
شوارد قلم (5) 1678