لا يمكن لأي أمّة أن تنهض إذا كان التعليم متفشياً لا يحظى بأي اهتمام أو رعاية من قبل الجهات ذات العلاقة وعلى رأسها وزارة التربية والتعليم التي لم تحرّك ساكناً بعد هذا الوضع المتردي لبعض المدارس الحكومية التي تفتقر لأبسط المقومات الأساسية..
فمنذ دخولك إلى مديرية مقبنة للوهلة الأولى سترى بأم عينيك ما كتبه القدر لطلاب يحملون البراءة في مدارس تصارع الشيخوخة المبكرة, معلنةً أنها قد بلغت من الكبر عتياً لا تستطيع العيش في هذا الزمن المغلوب على أمره، تربّعت في دياجير الجهل والظلام واحترقت بنار الفساد الذي بات يزكّم الأنوف ويروي ظمأ العطشان!..
فهجده التي تتمحور في عنوان المقال ليست من قاموس الغرائب!!, أو أنهـا كلمة مجردة من الإعـراب, لكنها مبتدأ مرفوع لاسم مدينـة رئيسية حيّـة حُذفت من الخرطة وتجردت من أي مشروع تنموي وإنساني بسيط في مديرية مقبنة أكبر مديريات اليمن مساحةً وسكاناً..
يراودها الحزن من نفسها كل يـوم ويطوي أفراحها التي كتب لها القدر أن تعيشها يوماً من الأيـام، أصبحت تسكن في دار الأيتام لا يرعاها أحدٌ سوى الله تعالى، قد ربما بالقريب وليس بالبعيد يواريها الآبـاء والأبنـاء الثرى إلى مثواها الأخيـر في مسقط رأسها محافظة تعز, لأنها في خطر لا تحمـل غير الألم والفقر والبطالة وعدم الرعاية والاهتمام البسيط.
انتهت الصلاحيـة لمستشفى ريفي مهجور أستمرت مدة صلاحيته عشر سنوات من تاريخ الإنتاج, فسكنته الخفافيش الليلية وخيّمت على أبوابه الخيوط العنكبوتية ومات المريض على بوابة الانتظار قبل الدخول إلى غرفة الطبيب وهذا شأنكم يا أصحاب المعالي!!..
كفاية بحال مدينةٍ تنـام على أوجاع ليلية تقتضي دون كهرباء وتستيقظ على أموات قذفت بهم تلك الطريق المعبـدة بالأحجار والمليئة بأكوام المخلفات في الشارع وحال هذه المدينة المكلومة ينطبق على الوطن أجمع من أقصاه إلى أقصاه..
فالوضع الذي نعيشه أصبح معرّضاً للخطر, لكننا نعتبره لدينا عادة!!, فنحن نتجرع المرارات منذ باع طويل من قديم الزمن.. نعيش مكتوفي الأيادي والحركة مشلولة لا نستطيع التقدم نحو الأمام, لكنها الأحكام والأقدار الإلهية أجبرتنا أن نعيش في وطن مليء بالفساد ولا يخلو من المفسدين.. فهجده تعيش حالياً في دار الأيتام, تلبس حلة الحَـزَن ولا تعـترف بالابتسامة يا سيادة الفخامة.
خليف بجاش الخليدي
هجدة في دار الايتام 1942