سافر شخص عزيز عليك فجأة دون أن تودعه.. مات آخر قريب لك وأنتم في شقاق وخصومة.. أصبت بمرض عضال, حرمك نعمة التنقل, أو المجالسة والحديث مع الناس.. أنت مشغول دوماً بأعمالك وتجارتك ومجالس (البسط والقات) أو اللهث وراء لقمة العيش.. مر وقت طويل مذ كلمت والدتك في الهاتف وتحسست أخبار رحمك.. أطفالك يكبرون وجوع يستشري في أنفسهم لوصلك.. تمر السنين دون أن تمنحهم شيئا يذكر من وقتك.. تتعامل مع الناس بفظاظة وقسوة.. تدور في فلك ذاتك فحسب.. تكد وتشقى في سبيل إرضائها.. مهلاً.. على رسلك.. وراء ماذا تلهث؟ ستأتي لحظة ما تفقد فيها شيئاً عزيزاً جداً.. حينها ستشعر بمدى خسارتك.. ربما ستفقد أعز إنسان, وأكثر إنسان كان يحبك على وجه البسيطة.. تمر الأيام ويسرق العمر, وأنت غير آبه لأمره, وقد تتجهم له بسبب أمور تافهة.. ويرحل بعيداً.. يموت.. عندها ستذرف الدموع وتبكي بحرقة, لأنه رحل دون أن تودعه.. دون أن يسامحك.. كم ستتألم عندما تتذكر بأنك طالما جرحته, وستتمنى لو عاد بكما الزمان للخلف لتصحح الخطأ.. لكن هيهات فات أوان ذلك.. لقد رحل أعز الناس على قلبك, ربما تكون أمك أو ربما أبيك أو زوجك أو أخ أو أخت, صديق, جار, ابن.. إنسان كان الأقرب لقلبك في يوم ما وجمعتكما ذكريات جميلة.. عمر جميل أمضيته بقربه وها قد رحل.. فقدته للأبد.. ويوم القيامة يمتد الصراط على جهنم وبشدة من طرفيه (الأمانة والرحم) فتتألم مجدداً لخسارتك.
أحرص يا إنسان على أن تكون وصولاً لرحمك كي لا يهتز بك الصراط في تلك الساعة وتهوي إلى قاع جهنم.. واجتهد لتكون رحيماً بالخلق, ففي ذلك اليوم ستستغيث: يا رب ارحمني.. والله يرحم الراحمين من خلقه, فهل أنت منهم؟.. التراحم والتواصل الإنساني سر سعادة الدنيا والآخرة.. مسكين من يلهث خلف السعادة وقد رمى بهذه المعاني وراء ظهره, لأنه يكدح العمر كله راجياً سراباً كاذباً, لن يدركه أبداً!!.
نبيلة الوليدي
سر سعادة الدنيا والآخرة!! 2285