ثمة من يتحرك بمحض عواطفه ودوافعه النفسية القائمة على أمزجته الحادة بعيداً عن عالم الفكرة والأفكار.. فمتى حصل على مبتغاه رأيته يعيش حالة استرخاء عاطفي ومزاج متعجرف يعكس حالة الإشباع التي لم تُشبع سوى غريزته النفسية (عالم الهوى), يظن أنه حصل على مبتغاه فيما هو يعيش في هواء والهواء فراغ.. هذا هو تيه العيش في ميدان اللذائذ ما بين (البطن والفرج).. لاوجود لعالم الرسالة وعالم الأفكار الذي يجعل للحياة قيمتها.. فبدون عالم الرسالة يكون فيه للفرد مشروعه الرسالي يغرق الفرد في تيه الرغبات واللذائذ ويصبح مصيدة لهواء النفس ومنقاد لغرائزه التي قد تصل بصاحبها إلى درجة البهيمية.. بدون المشروع الخاص يصبح الفرد ريشة في مهب الريح, فالمشروع الخاص والعيش في رسالة أحد أسس النهوض والتجدد الحضاري, لأن أول أسس النهوض هو تغيير ما بالنفس والنهوض بها لتؤدي رسالتها في الأرض (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) (ذلك الدين القيم ولكن اكثر الناس لا يعلمون), فمن عجز عن النهوض بنفسه والتأثير في محيطه فهو عن إصلاح البلاد وأوضاعها أعجز!!, فمن يرى أن يُغير أوضاع بلاده فليبدأ بتغيير نفسه وأفكاره واهتماماته وأخلاقه وطموحاته وأولوياته ومعلوماته وسلوكياته ومهاراته ومعاملاته!!.. وكما يقول المفكر الأمي سهيل الغنوشي:" المطلوب ثورة في العقول والنفوس والأخلاق والسلوكيات والمعاملات والطموحات, تمهد لنهضة شاملة تقوم على الحرية والعدالة والمساواة ".. ويقول أيضاً:" فعلى كل من يريد أن يسهم في هذه الثورة الهادئة عليه أن يعتنق رسالة حياة جوهرها النهوض بنفسه ووطنه وهذا هو جوهر رسالة الإسلام فيصبح رسالياً وطنياً، ويقرن المياه بالحرية والكرامة، فلا معنى ولا قيمة للحياة بلا رسالة وبلا حرية وكرامة".
أحمد الضحياني
الثورة الهادئة 1717