على جميع شرائح المجتمع اليمني أن تدرك بأن استخدام العنف والجهاد القتالي المسلح شرع في الإسلام لتحقيق مجتمع لا إكراه في الدين، وأن الله تعالى شرع الجهاد القتالي المسلح ضد الحكام الطغاة، وضد من يمارسون الفتنة على الناس بالقوة المسلحة والقمع البوليسي والتشريد، فيريدون إخراج الناس من معتقداتهم وبيوتهم وحرمانهم حرية الاختيار في الآراء والانتماءات ويحرمونهم أيضاً من حريتهم في حياتهم.
إذن من الذي يقاتل أو ضد من يوجه الجهاد القتالي المسلح؟.. إنه بحسب آيات القران يوجه ضد الذين يريدون ظلم الناس وإكراههم على ما يريدون, ولهذا قال تعالى:( وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة}"البقرة193".. أو إذا أردنا أن نفهم فهماً أقرب إلى الصواب من القرآن, فنقول: جرت العادة قبل الإسلام عند الأمم أن الحروب كانت تقوم والمنتصر يطرد المهزومين من بيوتهم من أجل عقائدهم، فالإسلام جاء لإدخال الأمن الاجتماعي وإعلان (حق الوجود للمخالف والأقليات), وجعل استخدام القوة المسلحة من مهمات الدولة المسلمة الشرعية، والدولة المسلمة مكلفة شرعاً بحماية المخالف، وتقف ضد من يمارس الاضطهاد على الناس، فالجهاد شرع في الإسلام ليس لنشر الإسلام, بل لنشر الحرية والعدالة والمساواة ولحماية المخالف وتأمين الوسط الفكري الحر.. فالمجتمع الإسلامي, كما قلت بالأمس, هو: مجتمع اللا إكراه، والمجتمع المسلم في نصوص القرآن هو الذي يفترض أن يكون ذلك المجتمع الذي يقصده اللاجئون السياسيون من كل دول العالم الظالمة والمتعسفة، ولكن بجهلنا للإسلام واستخدام الإسلام من قبل حكام العوائل المستبدين ومن قبل علماء السلطان لصالح الحاكم المتغلب، وجاء الحكم العسكري فحدث العكس, فقبل ثورات الشعوب العربية حيث كان المسلمون يفرون من كل بقاع العالم الإسلامي ذات الحكم القمعي المستبد إلى الغرب, والشاطر الذي كان يحظى بجنسية أوروبية أو كندية او أسترالية أو أمريكية، بل ومن جزر الكاريبي ليشعر بالأمان ويجد الاحترام، وكل ذلك حدث لأن المجتمع الإسلامي جعله حكامه الظلمة مجتمع الغدر وعدم الأمان.
وإذا كان الجهاد القتالي المسلح شرع في الإسلام لإتاحة الحرية ومنع الاستبداد والظلم والطغيان ولحماية المخالف وضد الظالم والمعتدي والباغي, فهو مبدأ وأداة مسخرة حتى ضد المسلم عندما يكون ظالماً ومعتدياً وباغياً وهو ليس ضد الكافر إذا كان عادلاً ويطبق العدالة والمساواة ويحمي حقوق الإنسان والضعفاء والمساكين ولا يظلم عنده احد.. ولهذا قيل " إن الله ينصر الدولة العادلة وان كانت كافرة ويخذل الدولة الظالمة وإن كانت مسلمة"، وهذا الفهم مهم لتحرير فهم و فكرة الجهاد القتالي حتى لا يستخدم كما استخدمه الخوارج من قبل وسفكوا دماء المسلمين.. وكونه اليوم بعد ثورات الشعوب العربية دعوة لإقامة حلف عالمي لرفع الظلم عن الإنسان أياً كان، فالجهاد القتالي قد يكون ضد الظالم الباغي المسلم لتحرير المظلومين والمستضعفين من المسلمين والكافرين كي لا يمارس عليهم أي إكراه.
إن العنف واستخدام السلاح شرع في الإسلام ليكون بيد الدولة العادلة و(الراشدة) وليس متروكاً للأفراد أو الجماعات أو الأحزاب أو التنظيمات أو المذاهب والطوائف أو القبائل, لأن استخدام السلاح يترتب عليه سفك دماء الناس، وهذا الأمر غير متروك للأفراد أو الجماعات أو التنظيمات أو الأحزاب وسواها، بل متروك بيد الدولة (الراشدة) كي يأخذ (العنف) معنى الجهاد القتالي الشرعي، فلا جهاد إلا بيد حكومة (راشدة) وصلت إلى الحكم باختيار الناس ورضاهم ولا جهاد إلا ضد من يستخدم القوة المسلحة لإكراه الناس على مذهبه أو إرادته وإخراجهم من ديارهم ومذاهبهم وأديانهم, قال تعالى:{ أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ* الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ}(40) سورة الحـج, وقال تعالى:{لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ }(8) سورة الممتحنة..
فإذاً استخدم العنف المسلح شرع للدولة ضد الخارجين علي إجماع الأمة خروجاً مسلحاً ومنع الوصول إلى الحكم بالطرق القتالية والانقلابية, فالذي يريد إزالة الظلم بالعنف، وبالقوة المسلحة فإنه سيعيدها سيرتها الأولى، ولن تتحسن الأحوال؛ كون الذي يمسك الحكم بالقوة المسلحة والقمع الأمني سيعود الآخر بنفس الأسلوب، وهكذا يصبح العنف واستخدام القتل والانقلابات هو الحكم النهائي لحل المشاكل، وهو ما حدث قبل ثورات الشعوب العربية من سفك للدماء الذي غرق فيه العالم الإسلامي وجاءت الثورات الشعبية لتخلصنا من هذه الدوامة.
إننا نطالب القوى السياسية اليمنية وأعضاء مؤتمر الحوار الوطني بأن يضعوا العنف المسلح واستخدامه نصب أعينهم والله في عونهم.
محمد سيف عبدالله العدينى
على الجميع التخلي عن العنف والسلاح 1413