إن لتعز قضية لا تقل أهمية عن القضايا المطروحة على طاولة مؤتمر الحوار الوطني الشامل, لكنها تختلف عليها, إنها قضية وطنية تعلق بالوطن كله, لأن تعز هي الوطن والوطن هو تعز وتعز موجودة في كل الوطن.
استقرار تعز يعنى استقرار اليمن كلها وانفلات تعز يعنى انفلات اليمن كلها, لذلك المؤامرة كبيرة على تعز حتى لا تستقر وتظل في صراع دائماً, ولن تستقر تعز إلا في ظل شراكة حقيقية بين كل مكونات المجتمع وانتهاء سياسة التهميش والإقصاء, فالشراكة هي أساس البناء والاستقرار.
لايزال هناك طرف مصر على الهيمنة والاستحواذ وإقصاء الآخرين وتهميشهم, غير مبالٍ بالتغيير الذى حصل في البلاد ولا الثورة التي قامت والدماء التي سالت والأرواح التي أزهقت والمبادرة التي وقعت وشهد عليها العالم كله وكأن كل ذلك مجرد "لعب عيال" لا تعنيه من قريب أو بعيد, فلايزال يعتقد أن الوطن ملكه.. بالمقابل هناك طرف آخر ظلم في الماضي وتعرض للتهميش ويريد اليوم ينتصر لنفسه من خلال الثورة.. هذا هو السبب الرئيسي لعدم استقرار تعز.
نقول للطرف الأول: عليك أن تدرك أن الأيام دول "وتلك الأيام نداولها بين الناس", لقد انتهى زمن القائد الفرد الزعيم المعجزة وعجلة التاريخ لن تعود إلى الوراء.. إنه زمن الشعوب والشعوب لا يمكن اختصارها بحزب معين أو تنظيم معين.. لا خيار أمامكم إلا القبول بالتعايش والاعتراف بالآخر وإعادة الأمور إلى نصابها وفق النظام والقانون.
ونقول للطرف الثاني: إن كانت الثورة قد جعلت لكم سلطاناً فلا تسرفوا بالانتقام.. جسدوا أخلاق وقيم الثورة وكونوا نموذجاً رائعاً للتسامح والعفو والتعايش والقبول بالآخر.
على الجميع طي صفحة الماضي وفتح صفحة جديدة بيضاء نقية عنوانها الرئيسي حرية, مساواة, تعايش, شراكة.. ليس فيها مكان للمتنفذين والفاسدين وأصحاب المصالح, النزاهة والكفاءة هما الأساس والمعيار الرئيسي فيمن يتولى المسئولية.
تعيين شوقي احمد هائل محافظاً لتعز كان بمثابة رد اعتبار لأبناء هذا المحافظة, هذا الكلام قلناه من سابق ونؤكده اليوم وأتمنى من الرجل ان يكون عند مستوى المسئولية ومستوى الطموح الذي يريده أبناء تعز.. عليه أن يكون محافظاً لكل أبناء تعز بمختلف أحزابهم وتوجهاتهم, لا أن يكون محافظاً لطرف معين ضد الأطراف الأخرى.. وأحبه اليوم أن يقوم بتحقيق التوافق والشراكة الحقيقية بين جمع القوى السياسية والمكونات الشعبية على كلمة جامعة من خلال الحوار الجاد المسئول والشفاف.
مبدأ المفاضلة في تعيين مدراء المكاتب التنفيذية مبدأ رائع وجميل وسنة حسنة, لكنه كان بحاجة إلى حوار مجتمعي, بحيث يتعرف عليه كل الناس ويقتنعون به ويشاركون في وضع المعايير واختيار اللجان.. أما إخراجه بالطريقة التي تمت أعتقد انه لم يكون موفقاً, فقد تحول للأسف الشديد إلى مجرد شعار فارغ المضمون.. كان على الأخ المحافظ أن يدرك أن الأفكار الجميلة والرائعة لابد أن تخرج بطريقة جميلة تليق بها حتى لا يشوهها البعض ويحولها إلى مجرد ديكور فارغ المحتوى وشعار ظاهره الرحمة وباطنه العذاب..
الفكرة جديرة بالاحترام وتستحق منها الوقوف معها ومساندتها, لكن في ظل توافق مجتمعي وشراكة حقيقية, وأنا على يقين انها سوف تكون نموذجاً ليس على مستوى اليمن, بل على مستوى الوطن العربي.. لكنها تريد من الأخ المحافظ مراجعة وتقييم طرحها على كل القوى السياسية في ظل حوار جاد ومسئول.
تيسير السامعى
تعز...!!!! 1317