حملة التوعية الأمنية الوطنية التي دشنت مؤخراً في مختلف محافظات الجمهورية تحت شعار «أمننا مسؤوليتنا» تحمل الكثير من الدلالات والأبعاد حول أهمية انتشار الوعي الأمني في أوساط المجتمع وعلى أوسع نطاق, انطلاقاً من حقيقة استحالة ترسيخ الأمن والاستقرار في ربوع البلاد دون تعاون حقيقي وفعّال من أفراد المجتمع.. وإذا كان الخبراء يشددون على التعاون المجتمعي فيما يتعلق بالأمن وضبط الجريمة قبل وأثناء وبعد وقوعها فإن هذا التعاون بالتأكيد يحتاج إلى معطيات واقعية تعزز من الثقة المتبادلة بين المواطن ورجل الأمن ولا بأس هنا أن ندع آراء المختصين والمحللين الذين يذهبون إلى عدم إمكانية وضع شرطي لحراسة كل مواطن ولنفسح المجال قليلاً لتجارب أناس يعانون الويلات في ظل تقاعس وتخاذل أجهزة الأمن في أداء واجباتها ومسؤولياتها في ضبط التجاوزات والممارسات الخارجة عن إطار القانون والتي من شأنها أن تزيد من الهوة بين أطراف المعادلة الأمنية.
في مديرية الخوخة بمحافظة الحديدة على سبيل المثال يشكو الكثيرون هناك من ممارسات غريبة لمسؤولي الأمن وجهات الضبط والتي يصل بعضها إلى درجة يمكن تصنيفها في خانات الغرائب والعجائب.. وما يزال المواطنان قاسم محمد وقريبه محمد نصر, وهما من أبناء هذه المديرية, يبحثان عن حقهما الضائع.. فقد شارفا على الموت ونجيا بأعجوبة من الموت بعد أن أطلق شخص نافذ النار عليهما قبل نحو عامين.
ويقول هذان المواطنان بأنه وعلى الرغم من نظر المحكمة الابتدائية في المديرية في مظلمتهما, إلا أن جهات الأمن ومسؤولي الضبط القضائي يصرون على تقديم المتهم للمحاكمة بصفته فاراً من وجه العدالة في الوقت الذي يتبتخر فيه هذا المتهم أمام الأشهاد, بل يتمادى في استفزازاته لضحاياه بالمجيء إلى إدارة الأمن وتناول القات هناك.
ويضيفان: المتهم «الفار» من وجه العدالة حسب زعم الأمن والنيابة تجرأ على الحضور إلى قاعة المحكمة متحدياً وغادر دون أن يعترضه أحد من مسؤولي الأمن الذين يعاملونه بكل لطف وتبجيل وهو ما جعل هذا الشخص النافذ الذي يُطلق عليه «الشيخ» يسرح ويمرح ويواصل مسلسل اعتداءاته الطائشة ضد المواطنين البسطاء والتي كان آخرها قيامه بإطلاق النار من رشاشه الآلي باتجاه مواطنين عزل, ما أسفر عن إصابة 6 أشخاص اصابة بعضهم بليغة ويتلقون العلاج حالياً في مستشفيات الحديدة، فيما يحاول مسؤولو الأمن, كما يقول هؤلاء الجرحى, تبرئة الجاني والحصول على توقيعات من الضحايا بالتنازل.. ويشير هؤلاء إلى أن هذا الشخص النافذ الذي يغدق بأمواله على المسؤولين قام خلال الفترة الماضية بقتل مواطنين اثنين ومع ذلك لم يتخذ ضده أي إجراء..
وبما أن هذا الشخص النافذ ليس محظوظاً على المستوى الإعلامي, لكن المؤكد بأن هناك نافذين كُثر يسيرون على نهجه المتعجرف هذا في مختلف مناطق البلاد.. ولا أدري كيف يمكن أن تعزز ثقة المواطن في الجهاز الأمني في ظل هذه الهفوات العميقة؟!.
مجرد سؤال نطرحه على طاولة اللواء الدكتور/ عبدالقادر قحطان, وزير الداخلية, المسؤول أمام الله أولاً وأمام الشعب ثانياً إزاء هذه الممارسات التي يجب أن تتوقف وعلى وجه السرعة حتى يمكننا الحديث حينها عن الدولة الحديثة دولة الحرية والعدالة والمساواة!!.
حمدي دوبلة
الأمن المفقود.. والإجراءات المنتظرة 1292