كثر الحديث في الآونة الأخيرة حول ماهية وشكل الدولة التي يجب أن تكون في المرحلة القادمة (المستقبل القريب) وازداد اللغط حول (الدولة المدنية الحديثة) وعلاقة هذا المفهوم بجذوره وأصوله الحديثة التي انبثقت منه في دول أوروبا والغرب.. وربط شكل هذه العلاقة في جدلية مخاض شكل الدولة القادمة في اليمن.. فاعتقد أن جوهر الإشكال ليس حول "مدنية الدولة" بقدر ما هو مرتبط بالتكوين النفسي والفكري لماهية الإرادة من الدولة المدنية. فالبعض يرى أن الدولة المدنية قد تحد من تصرفاته الرعناء المخالفة للدستور والقانون وتشل حركة يمينه التي تطيش بأموال الغير.. و تحد من التكسب غير المشروع.. وهناك من يرى أن دائرة نفوذه قد تضيق وشبكة مصالحة قد تتقلص وحركة الهيمنة الاجتماعية لدية قد تذهب لصالح القيم المدنية المرتبطة بالدولة.. وأخر لا زال يراهن ويبعث سوء الظن بكل قادم جديد على عدم مقدرته في إيجاد دولة تحكم وتسيطر إن لم يزد بأفعاله عوائق أمام أي دولة.. جدلية مفرطة صارت تحكمها الأهواء والمصالح وشبكات النفوذ وأصبحت تتحكم باتجاهات ورؤى بعض القوى حول الدولة ويضيع عنها الصالح العام حول مراد الدولة القادمة كما انه في ظل هذا الجدل الغير الباعث على التفاؤل لابد أن يعلم الجميع أن التمترس حول المفاهيم من منطلق الذوات والمصالح قد أسقطه الربيع العربي المتاخم في ذوات المجتمعات العربية.. ونصب العداء تجاه نفوذ الدولة قد يجعل من الذين وضعوا أنفسهم في عداء مع الدولة في عداء مع المجتمع اليمني التائق لوظيفة الدولة في حماية الفرد والمجتمع والصالح العام. وحتى لا ينبرئ أحداً أن يفسر ويبرر لنا العداء للدولة ويسرد مبرراته التي يعلم هو عدم الأساس لصحتها.. نقول ونصرخ بالجهات الأربع.. دعونا أن نقرر ما نريد أن يكون لنا بدائلنا في السياسة والاقتصاد وإدارة الدولة.. دعونا أن نجعل الحرية التي صنعناها كيان يمشي على الأرض ويسري على الضمائر والأفئدة فيبعث في صاحبها جدوى الإرادة والعزيمة.. تصنع جاهزيات متميزة تعزز تميزها وتسخره في إيجاد دولة تعزز الصالح العام للجميع.. ونصرخ بالجهات الأربع لا نريد منكم لا بردا ولا سلاما.. لا نريد منكم لا جزاء ولا شكوراً.. ولكن نقول نريد (دولة الإنسان) تحترم الإنسان ككيان بعيداً عن جنسه وأيدولوجيته أو انتمائه.
الإنسان الذي كرمه الله سبحانه وتعالى ((ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا)) دولة الإنسان مقتضى كرامته أن يعيش حرا من كل القيود الوضعية التي يضعها البشر للهيمنة والاستعباد.. مقتضى كرامته أن يحصل على مأكله ومشربه ومسكنه دون أن يدفع تكاليفها كرامته التي أعطاها إياه الله عز وجل..
ومقتضى عقد دولة الإنسان يكون بمقدار تحقيقها بشقيها الإنساني والرسالي.
دولة الإنسان التي تجعل الإنسان نشيطاً فعالا في شتى الميادين والعلوم الإنسانية والعلمية.. في شتى تطبيقات العلوم والتكنولوجيا.. دولة تعمل على الانطلاق بالإنسان لصياغة وصناعة همه الحضاري ,دولة لا يحتكر فيها الحوثي الإنسان في شخصه أو جماعته ولا يدعي حقه الإلهي فيها ولا يبعث فيها مشاريع الموت في مجتمع يريد الحياة.. ولا يرى فيها الحراك الجنوبي الإنسان في فصائل الحراك.. ولا يرى فيها الإنسان في ما هو جنوبي فقط.
أحمد الضحياني
دولة الإنسان 1392