منذ سنوات والمجتمع اليمني يمر بمنعطفات خطيرة ويواجه تحديات جمة في جميع الأصعدة كادت أن تعصف به وتلقيه في وادي سحيق لولا لطف الله وحفظه.. ثم بعض الجهود المباركة لهوت به في مهب الريح.. وإذا اعدنا النظر إلى ماضينا نجد أن الإسلام كان له دوره في تخليد دور المرأة واظهر دورها العقائدي والفكري والاجتماعي والسياسي.. فقد تنوعت وتوزعت أدوارها فكانت إلام والزوجة والطبيبة وبين كل ذلك ربت أجيال أناروا تاريخنا الإسلامي.. خلال هذه السطور سأتطرق إلى معرفة دور المرأة اليمنية في القضايا العامة بما فيها الثورة الشعبية.. مستعرضاً بعض الآراء:
وسط كل ما يقال ضد المرأة في العالم.. نجد أن مجتمعنا اليمني قد انقسم بالنسبة لمشاركة المرأة في القضايا العامة إلى ثلاث فئات: الأولى تمنح المرأة ابسط حقوقها ومن بين تلك الحقوق حقها في التعليم.. ولكنها لا تعطيها حقها في المشاركة السياسية ولا في اتخاذ القرار.. وفي هذه الفئة من يمنع المرأة حقها في التعليم خاصة في المناطق الريفية.. والفئة الثانية تعطي المرأة التعليم من باب أن تأخذ ما يعود عليها بالفائدة في حياتها المعيشية أو الزوجية.. والفئة الثالثة تعطي المرأة حقها في التعليم والمشاركة الحقوقية والسياسية وهي قليلة جداً.. لكن الحشود النسوية الهائلة كانت مفاجآت ثورات الربيع العربي.. وكانت الثورة الشعبية في اليمن اكثر ثورات الربيع العربي تشارك فيه النساء.. وشاركت في إعداد وتجهيز الساحات والميادين.. و شكل نضال المرأة اليمنية علامة مضيئة في تاريخ شعبنا اليمني فمشاركة المرأة للثورة أعاد لها حقوقها وحضورها السياسي، حيث وجدت المرأة في كل اللجان والتكتلات الثورية تقود بعضها وتساهم في أخرى حتى ألغت بعض المفاهيم التي كانت سائدة قبل الثورة تحيطها العادات والتقاليد المغلوطة عن المرأة.
مر عامان بعد أن تغيرت الصورة النمطية عن المرأة اليمنية خارج إطار المألوف, فقد آلف الناس أدواراً معينة للمرأة ومع الثورة دهش العالم بأدائها الرائد في الثورة اليمنية المباركة ليشكل صوره استثنائية لا يمكن نسيانها وكانت أول خيوطها ثوره 11 فبراير.. عبر محطات الثورة كانت المرأة اليمنية هي الأبجديات الصامدة ضد وجه الطغيان, فلم تقف على حافة المواجهات وكانت الشق الأمثل للشهيد فهي الأم والزوجة والبنت للشهيد وفي المحطة الأخرى هي الطبيبة والمسعفة والإعلامية والمخبرية والاستشارية والقائدة وكذلك الشهيدة التي تقدم تضحيات جسميه بجد وتفانٍ.
المرأة اليمنية كسرت حاجز الخوف:
كما يؤكد مراقبون أن المرأة اليمنية كسرت حاجز الخوف الذي صنعته الأعراف والتقاليد الاجتماعية، بل إنها قادت الاحتجاجات وحققت حضورا سياسيا كبيرا مثل أخيار الرجل.
تميز مشاركة المرأة اليمنية في ساحات التغيير والحرية، في عموم محافظات الجمهورية، أعطاها عمقاً ثقافياً واجتماعياً، فقد كسرت المرأة الثورية تلك الحواجز التقليدية التي فرضتها العادات والتقاليد والأعراف اليمنية، التي عمل على ترسيخها النظام الحاكم، فالثورة أعادت للمرأة حق المواطنة المتساوية، فخروج المرأة بمختلف مستوياتها الثقافية والاجتماعية والتعليمية والسياسية أعطاها لمسات قوية في وعيها الثقافي، فنجد المرأة اليمنية الثورية مشاركة على مستوى سياسي عال وقوي، فعندما تخرج المرأة رافضة للظلم والقهر والاستبداد وهي مدركة للظلم السياسي والاجتماعي يعد بعدا سياسيا أعطى المرأة حبا للتغيير، ومن خلال النماذج التي رصدت في أعمال المرأة الثورية البسيطة التي تصنع الكعك في بيتها، وترسله غذاء للثوار المعتصمين في الساحات، نجدها قد كتبت على الكعك كلمة (أرحل) وتلك الكلمة البسيطة تحمل بداخلها مفهوماً سياسياً كبيراً مارسته ووعته أبسط النساء في اليمن، وأدركت من خلاله حقوقها المنتهكة التي تعمل وتخرج لأجل نيلها وانتزاعها من قبل النظام الحاكم..
كما برز دور المرأة اليمنية المتميز والمشرف في ساحات التغيير والحرية جعل العالم يدرك أن المرأة اليمنية، قد كسرت السياج الاجتماعي المغلق الذي يتمثل بدورها المقتصر على البيت والأسرة، فقد خرجت المرأة اليمنية لتمارس حقها في المواطنة المتساوية، فأعطى وجودها الثوري القوي في الساحات زخماً كبيراً للثورة، وقفت المرأة اليمنية في ساحات التغيير والحرية بشجاعة وإرادة من بداية الثورة، وهي تدعم إخوانها الثوار معنويا بحضورها ومشاركتها في كل اللجان في الساحة، من أمن ونظام وإعلام وحقوق ولجان مراقبة، ومن ثم ارتفع الوعي السياسي لدى المرأة اليمنية، وفي هذه المرحلة الزمنية ازدادت المشاركة النسوية في ساحات التغيير والحرية، وشاركت النساء في المسيرات والمظاهرات والتجمعات الميدانية والوقفات الاحتجاجية مما زاد في بلورة المفهوم السياسي لدى المرأة، وصلابة موقفها وإصرارها على نصرة الثورة، ودعمها بكل الأساليب والطرق، وما شاهدته المرأة اليمنية من مشاهد مباشرة من قتل وقمع وانتهاكات بالضرب والاختطاف والاعتداء بالغازات والمياه المعدومة، كل ذلك زاد من عزيمتها في مواصلة العمل الثوري حتى أصبحت في المراحل المتقدمة من الثورة هي الشهيدة.
أحمد الضحياني
المرأة والثورة 1697