كألوان الطيف, وأكثر, هي الأحزاب والتحالفات السياسية, وكثيرة هي الأفكار والرؤى والأيدولوجيات التي ترتكن وترتكز عليها في مساراتها وعملها السياسي.. والأكثر من ذلك من يرجون لها ويعتنقونها ويوالونها ويستميتون من أجلها وصارت تقولب وجودهم كيفما تشاء دونما اعتراض منهم, حتى وان كانت مساراتها فيها خلل وقصور, وكأنما من رحمها تولد الحياة وبدونها الموت الزؤام.
وفي ظل هذا التكاثر المفرط للأحزاب ولمن يعتنقونها, يحق لنا أن نتساءل عن المشروع الواقعي الذي قدمته هذه الأحزاب لفئة مهمشة في هذا الوطن الذبيح وهم الكادحون والبسطاء والمقهورون والمظلومون والبؤساء الذين صاروا أكثر من رمل البحر.. نسمعهم يدعون أنهم ما وجودوا إلا لخدمة الوطن, فأي خدمة هذه التي قد صارت واقع على الأرض من شأنها نموه اقتصاديا وثقافيا ومعيشيا غير رنين الكراسي والمناصب التي شغلونا بها منذ عقود؟.. وأي منفعة هذه التي ما لمسها المواطن إلى اليوم منهم سوى جعجعة ولم نر منهم طحناً؟.
كل شيء تبدل وكل ضجة زادت ضجيجا وكل صمت صار ثرثرات موحشة إلا شيء واحد لم يتبدل في هذا الوطن وهو الفقر والجوع والمرض والبسطاء لا تعديل أو تفريج لمعاناتهم, فالكادح زاد كدحاً والمقهور زاد قهراً المظلوم زاد أنيناً وغدا أكثر ظلماً.. وفي المقابل تعملق الظالمون وزاد الناهبون وزاد البطش بطشا وزادت البلد تخريبا وشتاتا ولا أمنا وزاد البؤس تعملقاً..
فهل سمعنا خلال مسيرة هذا الوطن المنهك أن من بين هذه الأحزاب من نادى لحقوق هؤلاء أو وقف مع قضاياهم دنما مأرب أو مصلحة؟؟من قدم مشاريع تخرجهم من الجوع والمرض والبطالة من امتلك الشجاعة لإخراج مظلوم كان وراءه شيخ قوى ونافذ ظالم وطاغية غاشم؟ من طور, من بنى؟ من أخرج التعليم من واقع الجهل والمستشفيات من مافيا الموت؟ من أزاح باطل وأبدله حقا بشرط إلا يكون السبب مكايدة سياسية أو عناد سياسي؟, هل من بينهم من انتصر لوطن كادح يهرول كل عشية وضحاها إلى مزيد من التخلف والعصبية والجاهلية الأولى؟ هل من بينهم من أعاد المظالم المسلوبة والعدالة الميتة؟.. للأسف لا.
تاريخ طويل من عمر هذا الشعب الضائع ولا سطر فيه لمن يتحدث باسم كادحيه, إلا من رحم ربي, من جيل قديم قد تلاشى نذروا تضحياتهم كم أجل كل كادح وموجوع فيك يا يمن, إنما اليوم طغت لغة الكراسي والمناصب على لغة الإنسانية وعلى لغة شعب بأكمله يعاني التخلف والركود والموت لبطء. للأسف تضاربت لغة المصالح وتكاثرت الثرثرات السياسية وأفرزت واقعاً موبوءاً ومشبوباً بالمخاطر والهلاك والتناحر والأمان وصرنا على شفا جرف هار نرتجي رحمة المولى.
هناك سؤال أخير ومشروع ونتمنى أن نلقى له إجابة في تالي الأيام: هل سينتصر مؤتمر الحوار الوطني لهذا الحزب المهمش, حزب الكادحين ولهذا التحالف المنسي, تحالف المقهورين ولو لمرة واحدة؟.. نتمنى ذلك, ونتمنى أن يجعلهم نصب عينيه في كل مخرجاته.. وما خاب من تمنى.
سمية الفقيه
من لحزب الكادحين وتحالف المقهورين؟ 1251