أربعة جرحى مدنيين بينهم امرأة ومقتل الطيار، وتضرر العديد من المنازل.. تلك هي حصيلة انفجار سوخواي22 بالأمس أثناء مهمة تدريبية في سماء شارع الخمسين بيت بوس جنوب العاصمة صنعاء.. في الوقت ماتزال هناك 16 طائرة سوخواي أخرى في قاعدة الديلمي العسكرية تنتظر مهماتها التدريبية وتترقب ضحاياها في أي الأحياء سيكونون.. اليمنيون لم يعد خوفهم من حوادث السير اليومية يشكل خطراً كبيراً فحوادث الموت الساقط من الجو غدت هي القلق، واصبح عليهم أن يرفعوا رؤوسهم إلى الأعلى حين يخرجون من بيوتهم وأعمالهم وحتى حين يعبرون الشوارع.. فربما سوخواي قادمة..
شهران ونصف فقط منذ سقوط سخواي على حي الكويت بالقرب من ساحة التغيير في 19 فبراير الماضي وكانت التصريحات الرسمية "انهيار مفاجئ".. بالأمس تسقط سخواي مجدداً إلا أن التصريحات الرسمية تقول إن شظايا الطائرة تناثرت في مساحة تقدر بـ 200 متر ما يؤكد أنها انفجرت في الجو، وليس خللاً فنياً.. وتعد هذه الطائرة هي الطائرة منذ مطلع العام الجاري والثالثة منذ نوفمبر من الماضي 2012، في الوقت الذي ما يزال قائد القوات الجوية ووزير الدفاع يقفان على كرسييهما بدون أن يقدمان حتى نتائج تحقيق دقيقة للراي العام الذي يرى ضرورة أن يقدما استقالتيهما فوراً.
لا شيء اختلف منذ سقوط انتينوف نوفمبر 2011 تلاه سيخواي حي الجامعة فبراير الماضي والسبب كما تعلنه الجهات الرسمية ونتائج التحقيقات خلل فني وأخطاء بشرية يتحملها الطيار الذي لا يستطيع حتى إنقاذ نفسه.
ويأتي سقوط سيخواي بالأمس ونفس السيناريو يتكرر "خلل فني" دون أن يكون هناك أي إجراءات تتخذها قيادة الدفاع الجوي ولا وزارة الدفاع تجاه سرب طائرات تم جلبه لليمن في صفقة مشبوهة أدارها قائد القوات الجوية السابق محمد صالح الأحمر، فيما أسراب أخرى ماتزال في الطريق إلى اليمن.
حيث تقول المعلومات إن سوخواي 22 جاءت ضمن سرب أول طائرات في 4/7/2012 وهو سرب روسي الصنع يعود تصنيعه إلى 1988.
وبحسب تصريحات سابقة لمدير المركز الإعلامي للدفاع الجوي لـ "أخبار اليوم" أن هذه الطائرة مستخدمة وليست جديدة وانه تم شراؤها ضمن صفقة طائرات مؤكداً أن الشراء تم وان الطائرات تحت الضمان.
طالما والمطارات داخل العاصمة..
سقوط الطائرات مشكلة قائمة
منذ العام 2010 وحتى حادثة الأمس في شارع الخمسين سجلت اليمن سقوط 11 طائرة عسكرية نتيجة الأعطال الفنية بمعدل 3 طائرات سنوياً وبكلفة تقديرية 800 مليون و100 الف دولار- كما تفيد المعلومات.
واصبح هذا الأمر لسقوط الطائرات العسكرية مشكلة مزعجة للغاية ومثيراً للتساؤلات حول الأسباب الحقيقية لتلك الحوادث.. فقد مل الشارع السيناريو المتكرر الذي تعلنه الجهات الرسمية في كل مرة تسقط فيها طائرة.. "خلل فني سبب السقوط".
ويرى محللون سياسيون أن مشكلة سقوط الطائرات ستظل مشكلة قائمة مالم يتم إصدار قرار بإخراج المطار من وسط العاصمة.
وخسرت اليمن خلال السنوات الماضية عدداً كبيراً من الطائرات العسكرية المختلفة في حوادث سقوط وتحطم للطائرات راح ضحيتها عشرات الطيارين وكوادر القوات الجوية، وتسارع السلطات عند سقوط أي طائرة لاتهام "الخلل الفني" بالوقوف وراء الحادث.
ويعود تاريخ توجيه الاتهام للـ "خلل الفني" آلة التسعينيات حيث شهد تحطم طائرة عسكرية عمودية في حضرموت كان على متنها قيادات عسكرية بارزة بينهم قائد المنطقة الشرقية السابق العميد/ محمد إسماعيل، والعقيد أحمد فرج ومعهما 15 ظابطاً وسارعت السلطات حينها للقول بأن الحادث ناتج عن "خلل فني".
وكشفت إحصائية سابقة عن خسارة القوات الجوية 25 طائرة خلال الـ 8 سنوات السابقة.. حيث تكشف الإحصائية عن خسارة أكثر من 17 طياراً ومساعد طيار و23 مدرباً وفنياً وملاحاً خلال الفترة ذاتها.
وأظهرت الإحصائية سقوط وتحطم 20طائرات عسكرية وتدمير 4 في حوادث تفجيرية واحتراق طائرة أخرى في حادثة تفجيرية أيضاً.
كما تظهر الإحصائية أن الخلل الفني يقف وراء سقوط وتحطم 19 طائرة، منها 3 سقطت وتحطمت بسبب ارتطامها بالجبال والهبوط غير الصحيح ولم يتسن معرفة أسباب سقوط الطائرات المتبقية، إلا أن الراجح أنها ناتجة عن إخلال فنية.
وتمتلك اليمن – حسب التقارير الدولية- قرابة 375 طائرة عسكرية متنوعة بين مقاتلة وشحن عسكري وطائرات تدريب أخرى لمكافحة الإرهاب.
ولا توجد معلومات دقيقة عن سلاح الجو اليمني إلا أن مركز أبعاد للدراسات والبحوث أظهر أن اليمن يمتلك 156 طائرة عسكرية موزعة على 6 قواعد عسكرية: قاعدة كلية الطيران الجوية بصنعاء وقاعدة الديلمي الجوية بالحديدة وقاعدة العند الجوية بلحج وقاعدة عدن الجوية وقاعدة الريان الجوية بحضرموت وقاعدة الجند الجوية بتعز.
ووفقاً للمعلومات فإن الجزء الأكبر من التسليح الجوي يعود إلى ما كانت تمتلكه جمهورية اليمن الديموقراطية الشعبية قبل الوحدة، وحصلت عليها من الاتحاد السوفيتي.
ويتحدث خبراء عسكريون عن أن جزءاً غير قليل من الطائرات العسكرية قديمة وانها باتت متهالكة ولا تخضع للصيانة المفترضة، ويذهب آخرون إلى إرجاع حوادث سقوط الطائرات الفترة الماضية إلى غياب الرقابة والفنية اللازمة.
ويؤكد خبراء عسكريون أن معظم الطائرات في مجال النقل العسكري اليمني خرجت عن الخدمة في بلد المنشأ واصبح من الصعب وجود قطع غيار لتحديثها والمحافظة على جاهزيتها.
غموض سوخواي
ما يزال الغموض يلف واقعة سقوط الطائرة سيخواي 22 الروسية على حي الكويت جوار ساحة التغيير وسط العاصمة صنعاء، رغم إعلان نتائج التحقيقات أن خلل فني أصاب الطائرة، إلا أن شيئاً ما يظل في معزل عن تلك النتائج المعلنة، وهو نفس المصير الذي واجهته انتينوف التي سقطت في نوفمبر 2011، وستواجهه أيضاً سوخواي شارع الخمسين التي سقطت امس.
وكانت كشفت لجنة التحقيقات في حادثة سقوط الطائرة سيخواي 22 في 19 فبراير الماضي أثناء طلعة تدريبية يقودها الطيار/ محمد علي شاكر - 31 - عاماً إن الطيار لم يكن له يد في السقوط وأن ذلك كان خارجاً عن إراداته وأن السبب هو خلل فني مصنعي، محملة الشرطة المصنعة مسؤولية الكارثة التي وقعت في حي سكني وسط العاصمة, راح ضحيتها 10 مواطنين وأكثر من 17 جريحاً وتضرر العديد من المنازل والمحلات التجارية، وشددت على أن تتحمل الشركة الضامنة كافة التعويضات وفقا لتقارير اللجنة، وكذا تعويض المتضررين من نتائج الكارثة من قبل الجهات المختصة.
وفي المؤتمر الصحفي التي عقدته لجنة التحقيقات مطلع مارس الماضي في مقر قيادة القوات الجوية بصنعاء - استعرض رئيس اللجنة مدير العمليات بالقوات الجوية العميد طيار ركن عبد الكريم الصعر شرحاً مفصلاً حول مسارات هبوط الطيران الحربي فوق العاصمة صنعاء والخطوات التي يتخذها الطيارون في كل عملية هبوط، نافياً مسؤولية الطيار في الكارثة.
وفي المؤتمر الصحفي لإعلان النتائج الأولية لسقوط الطائرة سيخواي ظهرت لأول مرة لجنة التحقيق في سقوط طائرة الانتينوف 62 بعد أربعة أشهر من سقوطها، حيث سقطت الطائرة في 21 نوفمبر الماضي على حي الحصبة وبداخلها 10ملاحين بينهم ضباط كبار.
وقال رئيس لجنة التحقيق التحقيق في كارثة طائرة "الانتينوف إن 62 العقيد طيار ركن/ إبراهيم الشامي - نائب مدير التدريب بالقوات الجوية والدفاع الجوي – قال إن السبب في طائرة "الانتينوف " هو تعرض محركها الأيمن للحريق بسب تسرب الوقود وذلك ما أفصحت عنه نتائج التحقيقات الأولية، مشيراً إلى استمرار عملية التحقيق والتحليل للصندوق الأسود والتي تجري حالياً في روسيا، نافياً أن تكون الطائرة قد تعرضت لأي طلق ناري - حسب ما روجت له بعض وسائل الإعلام حينها.
وكانت طائرة سيخواي22 الروسية جاءت ضمن سرب طائرات يحتوي 18 طائرة مستخدمة تم شراؤها العام الماضي في علمية وصفت بانها صفقة فساد وأنها وصلت في تاريخ 4/7/2012 وأن هناك أسراباً أخرى في طريق الوصول تم شراوها أيضاً ضمن الصفقة المشبوهة.
وهو ما جعل لجنة التحقيق توصي بإعادة النظر في العقد المبرم مع الشركة ووقف استلام الطائرات المتبقية ما لم تتوفر كل شروط وضمانات السلامة وفق شهادات رسمية صادرة عن مكتب التصميم، بالإضافة إلى مراجعة العقد المبرم بين الشركة ومصنع التعمير ومعرفة جميع بنود التعمير.
الجدير ذكره أن خلافات نشبت بين الفريق اليمني والفريق الروسي في التحقيق قبل المؤتمر وتبادل الاتهامات حول مسؤولية سقوط الطائرة حيث حاول فريق الخبراء الروس من الشركة المصنعة إرجاع السبب إلى الطيار وعدم حنكته إلى تحطم الطائرة وسقوطها على المدنيين، وهو ما ينكره الفريق اليمني الذي يؤكد أن سبب السقوط خللاً مصنعياً, محملاً المسؤولية الشركة المصنعة.
ويشير مراقبون أن هذه الخلافات حالت دون الوصول إلى نتائج حقيقية حول سقوط الطائرة، في ظل استمرار الخلافات بين الطرفين لكشف الأسباب عن تحطم الطائرة، وأن إعلان النتائج الأولية أمس الأربعاء في مؤتمر صحفي ليس إلا مجرد تخدير للرأي العام الذي يتطلع إلى معرفة نتائج حقيقية لسقوط الطائرات واتخاذ الإجراءات اللازمة للسلامة، ومحاسبة المتسببين في هذه الكوارث الإنسانية.
ليبقى الغموض هو سيد الموقف في سقوط طائرات لم تعد صالحة لأي مهمات نظراً لقدمها وأخرى تم استقدامها في صفقات فساد مشبوهة, تم شراؤها أيام اللواء الركن/ محمد صالح الأحمر أثناء وقوفه على راس قيادة القوات الجوية اليمني وتمت إقالته في ابريل الماضي من قبل الرئيس هادي، وتعيين الجند في مهمة القيادة بدلاً منه.
وخلال السنوات الماضية, هناك العديد من الطائرات المقاتلة من سلاح الجو اليمني سقطت وهي في مهمات تدريبية أو قتالية، حيث تكشف إحصائية عن خسارة القوات الجوية اليمنية 25 طائرة عسكرية و أكثر من 17 طياراً ومساعد طيار و(23) مدرباً وفنياً وملاحاً خلال الـ8 سنوات الماضية، كما تظهر الإحصائيات سقوط وتحطم أكثر من 20طائرة عسكرية وتدمير (4) في حوادث تفجيرية واحتراق طائرة أخرى في عملية تفجيرية، إلا أن السيناريو الوحيد المتكرر عقب سقوط كل طائرة وتردده الجهات الرسمية ووزارة الدفاع:" أن خللاً فنياً وراء الحادث"، و" أن الطائرة دخلت في حالة انهيار مفاجئة وهو التصريح الذي اطلقته وزارة الدفاع عقب سقوط سوخواي 22 جوار ساحة التغيير.
منع التحليق فوق المدن
وأمر الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي أواخر فبراير توقف تحليق الطائرات الحربية ومهام التدريب في سماء المدن.
أخبار اليوم/ خاص
سوخواي مجدداً!! 2461