لم يعد يدري المواطن في هذه البلاد من أي ناحية قد تأتيه المنايا ومن أي جهة قد يداهمه الخطر.. فكل شيء في الجوار بات يحمل في طياته الكثير من التهديدات الحقيقية لحياة البشر وحتى السماء الآمنة أصبحت مصدراً محتملاً لسقوط المنايا على رؤوس الآمنين سواء كانوا في الشوارع أو في منازلهم مطمئنين.
صباح الاثنين الماضي كان سكان العاصمة صنعاء على موعد جديد مع سقوط طائرة حربية في حادثة هي الثالثة من نوعها في غضون أسابيع فقط كانت من نوع سخواي 22 وقد تناثرت شظاياها على رؤوس مواطني شارع الخمسين في بيت بوس وذلك أثناء عودة الطائرة كما قال مصدر القوات الجوية من مهمة تدريبية نفذت في أجواء مناطق مارب وخولان.
كانت العناية الإلهية رحيمة جداً هذه المرة بالأبرياء ولم تتسبب شظايا الطائرة المحطمة كما أكد مسؤولو مركز إعلام القوات الجوية لـ«الوحدة» إلا في إصابة نحو 4 أشخاص واحتراق شقة سكنية وإحداث أضرار مادية بمبانٍ سكنية أخرى ناهيك عن مقتل قائد الطائرة النقيب طيار هاني الأغبري .. وهي أضرار وخسائر قليلة بالمقارنة مع الحادثة السابقة لطائرة السخواي 22 أيضاً والتي تهاوت أمام الأنظار قبل أسابيع وبالتحديد في الـ19 من فبراير الماضي في حي الزراعة على مقربة من ساحة الاعتصام والتي أسفرت عن سقوط عشرات الضحايا بين قتيل وجريح وخسائر فادحة بالمنازل السكنية والمنشآت التجارية.
هذه الحادثة التي قضى فيها قائد الطائرة كذلك لم يكشف عن أسبابها حتى اللحظة وما زالت التحقيقات الخاصة بها طي الكتمان وسط غموض كامل وحيرة باتت تشغل خواطر الناس القلقين على أمنهم وسلامتهم على الرغم من التوجيهات الرئاسية الصريحة بحظر تدريبات الطيران في أجواء المدن الرئيسية..
وهكذا تلاشت الأحاديث والتحقيقات حول حادثة السخواي كما كان شأن التحقيقات السابقة لحادثة طائرة «الأنتينوف» التي سقطت في الـ21 من نوفمبر الماضي بمنطقة الحصبة وفي سوق شعبي خال من المارة والمتسوقين لذلك كان ضحيتها فقط طاقمها المكون من 10 ضباط من ذوي الرتب العالية في القوات الجوية والدفاع الجوي.
وتأتي حادثة الاثنين لتذكر من جديد بمسلسل غموض سقوط الطائرات المتواصل في سماء العاصمة خاصة وأن ضباطاً كباراً من القوات الجوية قد أكدوا تعرض الطائرة لعمل إرهابي مرتب في إطار استهداف منظم للقوات الجوية ومنتسبيها وكوادرها من الطيارين والفنيين.
ويؤكد مسؤولو مركز إعلام القوات الجوية في أحاديث لـ«الوحدة» أن طائرة السخواي الأخيرة تعرضت بالفعل لعمل إرهابي وذلك بوضع عبوة ناسفة على متن الطائرة قبل إقلاعها أو بتعرضها لنيران أرضية.. موضحين بأن الطائرة انفجرت بالكامل قبل سقوطها ما يعزز من فرضية العمل التخريبي.
ويشير هؤلاء إلى أن الأيام القليلة التي سبقت الحادثة شهدت أعمالاً تخريبية من قبل بعض منتسبي القوات الجوية تمثلت في إحراق سيارتي وقود تابعة للطيران الحربي وأعمال شغب وفوضى أمام مقر قيادة الجوية ومحاولة اقتحامها بالقوة..
ويربط مسؤولو الإعلام بالقوات الجوية بين هذه الممارسات وحادثة السقوط, ناهيك عن تعرض طائرة هيلوكبتر قبل أيام لإطلاق نار في منطقة همدان وكذا حادثة اغتيال الطيارين الثلاثة بلحج وكل هذه الأحداث وفقاً لمسؤولي الجوية تأتي في إطار الاستهداف المبرمج للقوات الجوية وكوادرها.
ويبقى السؤال: متى يمكن للمواطن الحصول على حقه في كشف ملابسات ما يجري من حوله ومن فوق رأسه حتى يكون بإمكانه تجنب ما أمكن من الأخطار المحدقة والنوم قرير العين على فراشه ومع أطفاله بعيداً عن الخطر القادم من السماء؟!.
حمدي دوبلة
سقوط الطائرات 1298