نعرف جيداً أن وزارة الكهرباء ليست معنية بحماية خطوط النقل الكهربائي وأن مهمتها تقتصر على تقديم الخدمة الفنية والإصلاحات وتوفير الكهرباء وما تبقى من حماية من مسؤولية الأمن والمؤسسة العسكرية.. لكن ما يرهق القلب أن يطل وزير الكهرباء، أو مختصون لديه، ليحدثونا عن تداعيات التخريب وتحديد المسؤوليات والأهداف الماورائية والتحفظ على أسماء من يمارسون الإرهاب لدواعٍ أخرى لا يكشف عنها المعنيون وتبقى من أسرار المهنة، فيما المخرب أكثر جرأة في التخريب والتحدث عن نفسه جهاراً نهاراً، حين يتحفظ المعنيون في الكهرباء على تسميته ويلجؤون للغمز واللمز بإيحاء يشير إلى مخاوف ورعب الله أعلم مصدره.. وبغض النظر عن كل هذا فوزارة الكهرباء والمختصون فيها ليس من شأنهم تحديد أو الحديث عن المخربين وهناك جهات مختصة هي من يميط اللثام عن اللغزية في استمرار التخريب لدرجة لا تصدق. ويبدو وقد ذهب كل في اتجاه يروق له أن تداخل الاختصاصات قد صار نوعاً من اللعب على العقول والبحث عن مغالطات، فيحدثنا المعنيون في الأمن والمؤسسة العسكرية عن ضرورة توفير الكهرباء والعمل على إصلاح الانقطاعات وأضرارها على الاقتصاد الوطني ويصمتون عن المخربين وعن الدواعي لذلك وخلفية هذا الظلام ولا نجد حتى اسماً يجري تداوله ويصل إلى القبض عليه، فيوكل الأمر في هذا الجانب لوزارة الكهرباء.. وهكذا بين تصريح وآخر تضيع الحقيقة ويجري التلاعب بالعقول والبحث عن مبررات واهية لكيفية التخريب، فمن قائل: إن الهدف إفشال الحوار، وآخر يقول: نتيجة مطالب لأشخاص واشتراطات تفرض على الدولة، إلى آخر يحدثنا أن الغرض استهداف المؤسسة العسكرية من خلال الزج بها في مواجهات مع القبائل في مأرب.. الخ من المبررات والتضارب في التصريحات والتلميحات والعمل على تتويه المواطن والسعي لإيجاد ما يستحق جعل التخريب مسلسلاً تركياً لا ينتهي ويزداد إثماً ليس بالاعتداء لمرة واحدة، بل تصل إلى خمس مرات وأكثر في اليوم، والمعنيون في الوطن لاهثون في خلق مبررات وتسبيب للانقطاع وإيجاد عذر إضافي يستمد منه الإرهابي قوة معاودته لاستهداف الحياة، وكأن الدولة عليها أن تظل تحمي المخربين وتجد لهم ما يعفيهم من المسألة القانونية وتطبيق العدالة في حقهم.
هكذا نحن لا نجد معنى لتصريحات أي من المختصين والمسؤولين سوى أنها ضحك على الذقون وتخريجات أسوأ من التخريب ذاته، ليبقى الوضع مستمراً والكذب في أعلى درجاته، والمواطن في حالة تصديق وتكذيب وبينهما رغبة حل المشكلة بشراء شموع أو موتور كهربائي أو انتظار فرج الله بعد ظلام دامس.. هكذا تغدو القهرية للمواطن أمراً لا بد منه وجعله محل تندر من المسئولين والاستخفاف بالعقلية هي المرتكز الأساس لإبقاء الحال وزيادة الإطفاء..
وإنه لأمر مخجل ولا يعبر عن اقتدار في تحمل المسؤولية ولا رغبة في تآزر الجهود للقضاء على ثقافة دخيلة على الوطن تستهدف زعزعة الأمن والاستقرار وإرهاق الاقتصاد الوطني وإفشال الاستثمار، وليس كما يقال استهداف الحوار الوطني بليلة ظلام، فمثل هكذا طرح لا يعبر عن ذكاء ولا عن حصافة حتى في الهروب من قول الصدق، قدر ما يقدم الغباء في أرقى أشكاله، إذ كيف سيفشل الحوار بخبطة على خطوط نقل الكهرباء؟،وهل لو حل الظلام سيبطل الحوار وتتميع القضايا التي يشتغل عليها المتحاورون؟ أم أنها ستضيع في الظلام فلا يرى المتحاور القضية في ظل العتمة؟.. كلام غير فطن وحالة هوس يقع عليها من ليس معنياً بالأمر وهو من اختصاص الأجهزة الأمنية والعسكرية التي تدفن رأسها في الرمال وترفض القيام بواجبها ومسؤولياتها بحجة أنها لن تنجر إلى مواجهات مع القبائل، في وقت هناك مهام أخرى ينبغي أن تضطلع بها وحين نتلفت إلى هذه المهام لا نجدها أبداً.
ويبدو أن الغياب عن الحسم والدخول في متاهات الانتظار الطويل هو الذي سيجر إلى متواليات ألم شديد ويجعل من حكومة الوفاق أشبه بظلال مسرح في مسرح العرائس لا طعم ولا لون ولا رائحة لها، لأنها تتجنب المواجهة مع الظلام والظلاميين وتبرر لهم فعالهم وتنتظر مغيثاً آخر ينقذها من ضعف استبد بها لدرجة صار الهذيان أسلوباً في خلق الأعذار للانقطاعات الكهربائية والتي لم تعد تروق حتى المخرب ذاته الذي سئم الضحك على المواطن ولا يجد أمامه غير المزيد من التخريب لعل عذراً يتجدد وحكاية أكثر احتراماً لعقلية المواطنين يجري تسويقها بدلاً من كلام العبث وجاهزية الغمز بأن وراء الأكمة ما ورائها، وعلينا أن نحترز من قادم يريد ضياع القضية الوطنية، ويدفع بالأمور إلى التأزيم وخلق مناخات عداوة بين أبناء الشعب الواحد والأولى أمام خياراتنا الوطنية أن نصبر ونتعسى خيراً ونجد حلاً لنا من واقع الضرورة والحاجة حفاظاً على الوطن من المؤامرة والانسياق ورائها وحتى يبقى الجيش جيشاً وطنياً خالصاً لا يقذف به إلى أتون صراع ليس هو المطلوب.. وكأننا في كل هذا المعتم أمام رغبة في الإغواء والقهر من مسئولين ليس لديهم حتى ما يقولونه إكراماً للثورة وفعل التغيير، ليتحول الظلام في بلادي دليل حرص وحذق شديد من الحكومة لا تريد الوقوع في ملاحقة مخرب فيخرجها عن مهام حقيقية.. وإنه لأمر مؤسف أن تكون مخرجات التغيير قد أتت بشرذمة قليلين يتندرون علينا ويسمعونا كلاماً كما يقول المثل الشعبي (مرقع بصميل)، والأمر والأدهى أن يصدقون هم ما يعتادونه من توهم فيزيدون في الكذب والتلفيق ما شاء لهم ولا يكشفون مرة واحدة عن قبض على جانٍ وعن رغبة ومصداقية في العمل من أجل الوطن نوراً مشعاً.. ولكم مرت من الأيام والشهور بمهل القبض على المخربين وقد تم تحديدها من فترة طويلة بأسبوع لتمر أسابيع وأشهر والتخريب يزداد والظلام ينتشر ولا شيء قدرت عليه سلطات الدولة المختصة قدر ما وضعت نفسها في إحراج شديد بمهلة قطعتها لنفسها وعجزت عن الوفاء بها وفاقمت المشكلة.. وسواء كان هناك مغرضون ومستهدفون للثورة وفعل التغيير، من النظام السابق أو غيره، فالثابت لا شيء نقع عليه من المسؤولية وتبقى السلطات هي المدانة حتى تثبت عكس ذلك وترينا دونما تحفظ من هو المخرب الحقيقي ولما يجري التستر عليه ورفض الكشف عن اسم أو بعض أسماء!!.. وتبقى كلمة: لن نغفر لمن قدم نفسه ذات انتخابات رجل عصر بوعود هلامية عن كهرباء تولدها طاقة نووية، وآخر طرح مشروع كهرباء تولدها الريااااااااح.. لنجد أنفسنا بين وعد وآخر مجرد قبض ريح.
محمد اللوزي
الكهرباء.. حكومة تتحدث عن الأسباب ولا تقمع المخربين 1634