من المعروف أن لا شيء ثابت في ثنايا سلوك السياسة الخارجية الأمريكية، فحليف الأمس يمكن أن يكون عدو اليوم، وعدو اليوم يمكن أن يكون حليف الغد وهكذا, وكل ذلك يتوقف على المصالح الحيوية الأميركية في كل حقبة زمنية معينة..
والإدارة الأمريكية لها تحالفات تكتيكية واستراتيجية حسب طبيعة الظروف والأوضاع السياسية والاقتصادية والعسكرية السائدة لتنفيذ استعمارها الإقليمي والقاري والعالمي بالمفهوم الجديد طبعاً وحسب الرؤية الأميركية للغزو تحت يافطة السلام وحماية الأقليات وحماية الشعوب المضطهدة.
ومن أبرز معالم السياسة الخارجية الأمريكية, بحسب الدكتور كمال إبراهيم علاونه- أستاذ العلوم السياسية والإعلام, رئيس مجلس إدارة شبكة (إسراج)- تتمثل في: التهيئة النفسية التحريضية العامة الأولية محلياً وإقليمياً وعالمياً، التفخيم والتضخيم لقوة الأعداء الافتراضيين المنوي غزوهم لاحقاً, عبر تضخيم قوة النظام السياسي والاعتداء على حقوق الإنسان والمرأة وتطبيق الديكتاتورية بعيدا عن الديموقراطية المزعومة، ثم الاستعداد العسكري وإعلان النفير العام (التعبئة العسكرية العامة)، براً وبحراً وجواً؛ حيث يتم تجنيد عشرات آلاف الجنود الأميركيين والمتطوعين بتنظيم عصابات المافيا في العالم (التحالف الدولي) للقضاء على الإرهاب المزعوم..
أضف إلى ذلك ما تقوم به الولايات المتحدة الأميركية من عقد تحالفات سرية وعلنية مع جيوش أخرى وجماعات مقاتلة للمساندة في إنهاء نظام سياسي معين بأقصر فترة زمنية ممكنة وبأقل الخسائر البشرية والتكاليف المالية، وفرض الحصار الاقتصادي الجزئي أو الشامل بالتدريج، على البلد المعني لانهاك الشعب، وتنظيم حملة إعلامية دولية ضخمة، بتسخير وسائل الإعلام المطبوعة والمسموعة والمرئية والإنترنت ضد الأعداء الجدد، ليأتي بعد ذلك البدء الفعلي بالغزو عبر شن غارات جوية مكثفة يتبعها هجوم البوارج الحربية فدخول المشاة من دولة مجاورة يعقبه احتلال الدولة أو المنطقة المعنية برياً بصورة مكثفة والإشراف على شؤون البلاد والعباد فيها بالحديد والنار.. وما يتطلب ذلك من استدعاء لقوى خارجية لمساعدة الاحتلال الأجنبي الأميركي للسيطرة على موارد ومقدرات البلاد وإدارتها وفق السياسة الأميركية.
إيمان سهيل
المستعمرون الجدد 1489