منذ سبعينيات القرن الماضي عندما أنشئت أول جامعة يمنية وهناك انتهاك كبير لحقوق وحريات الطالب الجامعي في اليمن وقبل الدخول في هذا الموضوع تحضرني مقولة للأستاذ المحامي محمد ناجي علاو قالها في احد المقابلات التلفزيونية عن تاريخ النقابات المهنية, حيث قال ( بأن هذه التنظيمات سيطر عليها الأحزاب في وقت كانت تمارس عملاً سياسياً سرياً قبل الوحدة ولم يعد هناك حاجه لهذا).. ذلك أن هذه النقابات هي منظمات مهنية تقوم بدور قانوني تخدم من خلاله أبناء المهنة الواحدة دون تمييز بينهم ولا يختلف هذا التكييف كثيراً بينها وبين الاتحادات الطلابية التي تقوم هي أيضاً بدور قانوني تخدم من خلاله كل الطلاب المسجلين في كلية واحدة دون تمييز. ومن خلال تاريخ جامعة تعز الذي نعرفه والذي نعتمد عليه كحقل عملي للدراسات والمقالات العلمية معتمدين على المنهج الوصفي وبالمقارنة بين كلية العلوم الإدارية من ناحية وكلية الحقوق نجد الآتي:
- أن كلية العلوم الإدارية كان يسيطر على اتحاد الطلاب فيها حزب الإصلاح منذ أن كانت فرعاً لكلية التجارة بجامعة صنعاء قبل إنشاء جامعة تعز العام 1993.
- بينما كانت كلية الحقوق التي أنشئت العام 1997 يسيطر على اتحاد الطلاب فيها حزب المؤتمر الشعبي العام منذ إنشائها وحتى الآن وقد أنشئت هذه الكلية من أجل أن يكون هذا الاتحاد لحزب المؤتمر الحزب الذي أنشأ الكلية.
واستمر هذا الوضع حتى ثورة فبراير 2011 حيث سمح للطلاب بإنشاء مجموعات أخرى موازية لاتحاد الطلاب في الكلية ومن خلال آخر انتخابات يمكن وصفها بالبسيطة يمكن تحديد السيطرة الحزبية على الحركة الطلابية في كلية الحقوق بنسبة ثلثين مؤتمر إلى ثلث إصلاح وهذا لا يعني عدم وجود باقي الأحزاب, فلا يمكن إنكار وجود الناصرين أو الاشتراكيين, إلا أنهم ليسوا ظاهرين بالشكل المطلوب, حيث يبدو للمتأمل وكأنهم غير مستقلين أو أنهم في عباية المؤتمر, كما كان وضع الإصلاح قبل الثورة كانوا مؤتمرين جناح الإصلاح خلال حكم هذا الجناح من حزب المؤتمر للكلية.
وفي ضوء ما سبق نستطيع التأكيد على أن الأحزاب مازالت مسيطرة على الحركة الطلابية في الجامعات اليمنية وأنها كثيراً ما تستخدم هؤلاء الطلاب كأدوات طيعة للتأثير على سير نشاط المرفق العام بما في ذلك من خطورة على تطبيق القانون وتحقيق المساواة بين المنتفعين من خدمة المرفق العام.
إن السيطرة السياسية للأحزاب على الحركات الطلابية في الجامعات اليمنية تشكل عائقاً كبيراً أمام حصول الطلاب على خدمات هذه المرافق العامة التي تعمل في إطار التعليم العالي .
وللتوضيح أكثر دعونا نلقي الضوء على تشاط الحركة الطلابية في جامعة تعز خلال الفترة الأخيرة وبالتحديد منذ إضراب موظفي وأعضاء هيئة تدريس الجامعة, حيث رأينا الطلاب المنتمين لحزب الإصلاح يخرجون إلى شارع جمال مطالبين بعودة الدراسة وإنهاء الإضراب, بينما نرى الطلاب المنتمين للحزب الاشتراكي يؤيدون المحافظ ولا يخرجون معهم, لأنهم يعتبرون ذلك مؤثراً على بقائه في منصبه, بينما نرى الطلاب المنتمين للحزب الناصري ملتزمين الصمت.. ونجد بالمقابل نقابة أعضاء هيئة التدريس بالجامعة قدمت وعودها للطلاب بإعداد برنامج دراسي يعوضهم عن فترة الإضراب الذي استمر قرابة الثلاثة أشهر.
وفي ضوء ما سبق يمكننا أن نستخلص الآتي:
1- إن تنفيذ الطلاب لسياسات أحزابهم التي ينتمون إليها يجعلهم بعيدين عن المفهوم العلمي لدور هذه الاتحادات الطلابية بما لذلك من أثر كبير على حقوق وحريات الطالب الجامعي.
2- إن تدخل الأحزاب بتأثيرها الواضح والملموس على الحركات الطلابية يسبب في أغلب الأوقات شق صف الحركة الطلابية في الجامعات اليمنية.
3- إن وضع الحركة الطلابية وفقاً للوصف السابق وضع مشوه, فيه خلل كبير يؤثر على حقوق وحريات الطلاب وكذلك على المساواة في تقديم الخدمة العامة التي تلتزم هذه المرافق العامة بتقديمها للجمهور.
4- إن عدم وفاء هذه التنظيمات المهنية (النقابات واتحادات الطلاب) التي تعمل في إطار الإدارة العامة وترتبط في قيامها بدورها على حزب معين ينبثق برنامجها ونشاطها في إطار المرفق العام منه ويتمتع بحمايته وهو يرتفع حيناً ويخبو حيناً آخر يمثل سبباً رئيساَ لتدمير البرنامج التعليمي بالجامعات اليمنية ويجعله بعيداَ عن معايير الجودة.
د. ضياء العبسي
حريات وحقوق الطلاب في الجامعات اليمنية 1877