لا أشجع مطلقاً فكرة الطلاق بين أي زوجين، لأن المتضرر الرئيسي في الأمر كله يكون الأطفال، فنادراً ما نجد أزواجاً انفصلوا وظلوا على وفاق دائم.. وإن كان الأمر كذلك لما كان للمحاكم أي عمل.. فأكثر القضايا هي أحوال شخصية، فكم يعتصر قلبي ألماً عندما أشاهد امرأة في المحكمة طلباً للنفقة، فالزوج بعد أن يطلق زوجته ينسى أن لديه أولاداً وبحاجة ماسة له، أو عله يتناسى الأمر ليريح دماغه كما يقولون.
عموماً ما جعلني أكتب عن ذلك هو معرفتي بحالتين فكرتا بمصلحة أولادهن..
فالحالة الأولى: امرأة متزوجة من رجل لا يحتمل، فطباعه سيئة دائم الشتم والسب لزوجته، لديها أربعة أولاد.. صبرت هذه الزوجة وتحملت سنوات وسنوات من أجل أولادها، لأن الزوج على الرغم من قسوته معها إلا أنه كان حنيناً لطيفاً مع أولاده يحبهم ويوفر لهم كل ما يريدون، فعندما كانت ترى أولادها سعداء بوجود أبيهم معهم كانت تصمت وترضى بالحياة التي كتبت لها ولم يكن أمامها إلا الدعاء إلى الله ليمدها بالصبر.. وهكذا تحملت وصبرت ولازالت تعيش مع زوجها من أجل مصلحة أولادها وخوفاً عليهم من التشرد والضياع.
الحالة الأخرى: امرأة متزوجة من رجل حاد الطباع، عصبي المزاج، لا يتفاهم بلغة الحوار، فالضرب وسيلته الوحيدة للتفاهم، عندما ضربها أول مرة سكتت وأصبح الأمر عادياً، لم تعترض من أجل أولادها الثلاثة.. يوماً بعد يوم بدأ يمارس هوايته على أولاده، فأصبح يضربهم وبشدة ولأتفه الأسباب.. وخوفاً عليهم من أبيهم الذي كاد أن يقتل أحد أبنائه بضربه أخذت أولادها وذهبت إلى منزل والدها وطلبت الطلاق لمصلحة أولادها ولحمايتهم منه، فإذا كان رؤفاً عطوفاً عليهم لكانت تحملت مرارة العيش وقسوته من أجل رؤيتهم سعداء ولكن ما باليد حيلة، فقد قررت الرحيل وطلب الانفصال، لأن والدهم كان سبب تعاستهم وشقائهم.. وحتى الآن هذه المرأة لم تتحصل على حكم بالنفقة لأولادها, نعم هي تعمل وتستطيع تأمين حياة كريمة لهم ولكن هو والدهم من واجبه الإنفاق عليهم، سيما وأنه ميسور الحال.
عموماً تلك فضلت البقاء من أجل أولادها والأخرى قررت الانفصال من أجل أولادها والطلاق ليس أمراً سهلاً أو هيناً، لكنه يكون الحل الأمثل في بعض الحالات.